بث الملتقى القطري للمؤلفين محاضرة قدمها الدكتور جاسم سلطان مدير مركز وجدان الحضاري بعنوان”الهوية الوطنية القطرية إلهام وملهم للإنتاج الفكري و الأدبي” عبر قناة يوتيوب الخاصة بالملتقى و ذلك في إطار حملة تعزيز الهوية الوطنية القطرية التي كان قد أطلقها الملتقى يوم 19 أبريل الجاري.
أكد الدكتور سلطان أن القواسم و السمات المشتركة بين الأغلبية العظمى لمجتمع معين هي التي تحدد هويته و خصوصيته و أن ما يميز المجتمع القطري عن غيره من المجتمعات هو مجالسه المفتوحة وسهولة الاندماج و تكوين الصداقات فيه و الترحيب بالضيف و مساعدة كل شخص يطلب المساعدة وهي سمات تدل على بساطة المجتمع حتى أن البساطة أصبحت تشكل عنصرا أساسيا من عناصر الهوية الوطنية القطرية و يمكن لاي شخص قادم من بيئة مختلفة أن يلاحظها، كما ابرز أن العوامل الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية تؤثر في تشكيل الهوية، فسلوكيات الأفراد في قطر اختلفت عما قبل البترول، فالقطريون قديما كانوا يحبون المغامرة و الأعمال اليدوية و يجتهدون للحصول على قوتهم لكن الوفرة التي يعيشها الاقتصاد القطري خلقت الاستقرار و سهلت الحياة و أصبح الإباء يحاولون توفير كل شيء لأبنائهم دون تعب أو عناء.
و أشار الدكتور جاسم أنه هناك نوعان من الهوية الوطنية اجمالا أولها الهوية غير المخططة التي تتم بفعل العوامل التاريخية و الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية و هناك نوع ثان من الهويات يتم التخطيط لها و تحدد و تصنع بفعل الاعلام و التوجيه الثقافي، حتى أن العمل الفني الإبداعي يساهم بشكل كبير في صناعة و توجيه الهويات و ادخال سمات و صفات إيجابية عليها يمكن أن تكون مفقودة.
و أعتبر الدكتور سلطان أن الكاتب و المؤلف لا يعيش خارج مجتمعه و أن عمله الفني في الغالب يكون انعكاسا لخصوصية المجتمع ومخاوفه و حتى تطلعاته كما يمكن أن يكون استشرافا للمستقبل و استشهد ببعض القصص و الأعمال الفنية التي بعثت رسالة للبحث عن العقلانية و استخدام العلم و البحث حيث أن الاعمال الفنية الهادفة مكتوبة كانت أم مرئية تسعى إلى نشر مجموعة من المبادئ الأخلاقية و تغرسها في الناشئة، قصد تحفيز التنافسية العلمية التي خلقتها بيئة الاحتياجات الحديثة لتصل إلى مداها الأقصى.
و بين ضيف الملتقى في السياق ذاته أن الفنان و المثقف لا يعالج قضايا عصره فحسب بل إنه يمكن أن ينفذ للعصور القادمة و يحضر لها من خلال استشراف المستقبل و توقع السيناريوهات الممكنة ليتمكن من الإمساك بزمام الأمور في حال حدوث أمر غير متوقع.
و أعتبر أن بين العوامل التي تساهم في خلق هوية مستقرة و إيجابية متمكسة بتراثها و قادرة على مجاراة الانفتاح العالمي هي الاعتماد على العلم و التطور والثقافة إضافة الى احترام الوقت و علاقتنا بالزمن، كما قال إن الدين من أهم عناصر الهوية و لذلك يجب الوعي بمدلولات القرآن الكريم خاصة فيما يتعلق بالفاعلية في الحياة، كما ركز على أهمية المواطنة الصالحة من منطلق المفكر و الأديب لأن دور الكاتب أن يدعو إلى وحدة المجتمع و الابتعاد عن الفتن و المناطقية و العنصرية بين أبناء الوطن الواحد التي قادت العديد من الدول إلى الاقتتال باعتبار أن الكلمة أحد من السيف و أن نشر الأفكار السلبية قادر على تسميم مجتمعات و تحطيم حضارات، في حين أن نشر قيم الوئام و الوفاق من خلال الأعمال الإبداعية قد يسهم في الاستقرار و التطور و يخلق هوية متوازنة.
كما أن دور المثقف لا يقتصر على بناء الهوية في مجتمعه و زمنه الضيق بل يساهم في تشكيل ملامح الهوية في المستقبل باعتباره قادرا من خلال فكره على تحصين المجتمع من الفتن و تقوية مناعته من خلال تشكيل رؤية عن احتياجاته المستقبلية باعتبار أن فهم فلسفة العصر تمكن المثقف من توجيه بوصلة المستقبل.
ويواصل الملتقى القطري للمؤلفين أنشطته الثقافية باعتباره هيئة ثقافية تتبع لوزارة الثقافة والرياضة تعنى بالاهتمام بالمؤلفين، ويهدف الملتقى إلى الاهتمام بالمؤلفين وبخاصة في الارتقاء بالمستوى الثقافي للمؤلفين وفق قرار وزير الثقافة والرياضة رقم (91) لسنة 2018 بتأسيس الملتقى القطري للمؤلفين واعتماد عقد تأسيسه ونظامه الأساسي.