أكد عدد من المثقفين القطريين أن معرض رمضان للكتاب في نسخته الأولى يعد بادرة طيبة وفرصة تعزز توطين الكتاب في قطر، مثمنين جهود وزارة الثقافة في إيجاد آليات جديدة لنشر المعارف والعلوم والاهتمام باقتناء الكتاب عبر معارض الكتب، سواء معرض الدوحة الدولي للكتاب أو معرض رمضان للكتاب.

وقال سعادة الدكتور محمد بن صالح السادة وزير الطاقة والصناعة السابق في تصريح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، إن الأجواء الرمضانية الروحانية لمعرض رمضان للكتاب وسط التقاليد القطرية الأصيلة في سوق واقف جعلت المعرض فريدا من نوعه، ويتماشى مع الطابع الإسلامي في هذا الشهر الفضيل، وفي نفس الوقت يواصل المعرض الحراك الثقافي في قطر ويعزز من توطين الكتاب، خاصة مع ما نجده من حضور مكثف للجمهور سواء في مناطق بيع الكتب أو المشاركة في البرنامج الثقافي للمعرض.
وأضاف أن المعرض يكمل مسيرة البناء الثقافي، فخلال السنوات الماضية تضاعف عدد دور النشر في قطر، وهناك اهتمام بالطباعة وجودتها، إلى جانب تضاعف عدد الكُتّاب القطريين الذي يلجون مختلف مجالات المعرفة ليلامسوا بأفكارهم اهتمامات المجتمع الفكرية والدينية والاقتصادية ما يظهر الاهتمام في قطر بصناعة الكتاب عبر مراحل إنتاجه المختلفة بداية من التأليف وحتى الطباعة والتوزيع.
من جانبه، قال الشاعر مبارك بن عبدالله آل خليفة مدير إدارة المطبوعات والمصنفات الفنية بوزارة الثقافة في تصريح مماثل لـ /قنا/، إن معارض الكتب ومنها النسخة الأولى لمعرض رمضان للكتاب تعتبر دافعا ومحفزا للإبداع للكُتاب والمفكرين والباحثين ودافعا لتطوير أعمال دور النشر، ومن ثم فاستمرار المعارض يسهم في توطين الكتاب، مؤكدا أن المستقبل القريب سوف يشهد طفرة في تحقيق هذا الهدف من خلال جهود وزارة الثقافة المتواصلة.
وحول دور إدارة المطبوعات في نشر الكتاب، قال إن ذلك يتم من خلال تيسير الإجراءات على الناشرين ليكون الكتاب متاحا للجميع، فليست هناك رقابة على الكتاب، بخلاف المحظورات العامة للأديان أو المجتمعات، وهذه أمور يعرفها الكتاب وهناك تعاون بين الكُتاب والإدارة في هذا الشأن بما يعجل في إصدار التراخيص المطلوبة.

 

من جهتها، قالت الكاتبة والباحثة في الإعلام والحضارة خولة مرتضوي، رئيس قسم الإعلام والنشر في جامعة قطر، إن استحداث معرض رمضان للكتاب في نسخته الأولى ليكون ثاني أكبر حدث ثقافي يُعنى بمجال التأليف والنشر بعد معرض الدوحة الدولي للكتاب، يستحث الجمهور المهتم الذي ينتظر موسم معرض الكتاب الدولي من عامٍ إلى عام، ليجد المعرض فرصة أخرى للالتقاء بدور النشر والاستفادة من الإصدارات الجديدة التي يحرص على اقتنائها، مشيدة بالحراك الثقافي الذي يشهده المعرض والفعاليات الفكرية والحوارية والاجتماعية والدينية التي تنظم على ثناياه والتي تعدُّ فرصة رائعة، في حدِّ ذاتها، لتعزيز ثقافة القراءة والانطلاق نحو المعرفة والتقفِّي العلمي الرصين.
وأضافت أن شهر رمضان موسمٌ روحي نحتاج فيه إلى شحن النفس بالذكر والدعاء والتبصُّر في الأهداف الدنيوية والأخروية، كما أنه فرصة مناسبة لشحذ الهمة الفكرية كذلك، والاهتمام بالبناء العقلي الرصين من خلال ما تقدمه المتون العلمية والأدبية من فوائد جمَّة لتُسهم إسهامًا عميقًا في البناء الروحي والحضاري للإنسان في دولة قطر.
وأوضحت الكاتبة خولة مرتضوي في حديثها لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ أن مفهوم توطين الكتاب أو توطين الثقافة، يتجلَّى في الدعم المتصاعد الذي تقدمه دور النشر المحلية وكذلك القائمين على النشر في وزارة الثقافة، في دعم الكتاب المحليين وتكوين الشخصية المحلية المهتمة في مجال الكتابة بالتدريب والتوجيه.
وحول آليات وخطوات الوصول إلى نسبة معقولة من توطين الكتاب، قالت:” هذه تحيلنا إلى عدد من التراكمات إذ تشمل الدعم الحقيقي الجاد الذي يقدمه العاملون في حقل النشر والتأليف وطرق تفكيرهم وقيمهم العامة واستعدادهم لتقديم التوجيه والتدريب والاحتواء الثقافي للمحترفين والهواة والناشئة لتشكل بذلك إطارًا رئيسيًا يمكن من خلاله تحقيق هذا الهدف بالشكل المأمول”، منوهة بأن هدف توطين الكتاب عليه أن يسير جنبًا إلى جنب مع تدويل الكتاب المحلي، فالكثير من كُتابنا المحترفين لهم إصدارات علمية وأدبية رصينة جدًا، تفيد المكتبة الثقافية والعلمية العامة في كل مكان، وعليه، سيكون من الهادف جدًا تأسيس استراتيجية جادة تسعى إلى تدويل هذه المعارف المحلية من خلال ترجمة هذه المتون العلمية إلى اللغات العالمية وتسويقها في مختلف معارض وملتقيات النشر العالمية.

من جانبه، قال القاص والروائي القطري جمال فايز في تصريح مماثل لـ /قنا/:” إن معرض رمضان للكتاب في نسخته الأولى يأتي امتدادا لمعرض الدوحة الدولي للكتاب، كما يأتي امتدادا للأنشطة المختلفة التي أصبحت حاضرة في المشهد الثقافي القطري، وتقدمها وزارة الثقافة وكان آخرها موسم الندوات”، مشيرا إلى أن احتضان سوق واقف للكتاب هو خروج من المألوف بعيدا عن القاعات المغلقة، ليشكل جزءا من الموروث الثقافي لسوق واقف.
وأضاف أن معرض رمضان للكتاب هو شكل من أشكال ترسيخ الكتاب وتوطينه وتثبيته كقيمة وأهمية في حياة مجتمع ألفَ القراءة والعلم سواء من خلال العلم المتوارث من علوم القرآن الكريم والشريعة، أو العلوم الإنسانية والطبيعية المختلفة، معربا عن سعادته بتواجد الجميع من القطريين وكذلك الجاليات العربية والأجنبية المقيمة في الدوحة لاقتناء الكتاب، داعيا إلى أن تتسع النسخ القادمة لتشكل أكبر عدد ومشاركات من خارج الدوحة، وأن يكون هناك تخصيص جزء خيري من ريع الكتاب في هذا الشهر الفضيل ليصبح امتدادا لجهود دولة قطر الخيرية.
وحول اقتراحاته لتوطين الكتاب في قطر، قال “كما لدينا الأجهزة الرياضية في الحدائق والأماكن العامة أتمنى أن يكون هناك بعض الكتب في الساحات العامة للقراء مجانا، وهو شكل وجدناه في بعض الدول الأوروبية، وأن يتم تغذية هذه الأماكن من المؤسسات المعنية بالشأن الثقافي بالدولة، مثل وزارة الثقافة، وزارة الأوقاف، مؤسسة قطر، مكتبة قطر الوطنية، وكتارا وغيرها، مع الاهتمام بأن يتواجد جزء خاص لمكتبات صغيرة بملاعب الفرجان وتكون بتصميم جذاب، ليظلل جناحا الثقافة والرياضة المجتمع وكل هذه الأمور تساعد على توطين الكتاب في قطر”.