احتفت الساحة المسرحية القطرية أمس باليوم العالمي للمسرح الذي يوافق السابع والعشرين من مارس كل عام، وذلك على مسرح قطر الوطني بحضور سعادة صلاح بن غانم العلي وزير الثقافة والرياضة وعدد من المسرحيين، كما تضمنت الاحتفالية التي نظمها مركز شؤون المسرح وأقيمت في إطار فعاليات الدوحة عاصمة الثقافة الإسلامية الإعلان عن العروض الفائزة في مسابقة مهرجان المسرح الجامعي الثاني (دورة الفنان موسى عبد الرحمن)، ومع تطبيق كافة الإجراءات الاحترازية تم توزيع الجوائز على الطلاب الفائزين في المسابقة التي استمرت خلال الفترة ما بين 21 و24 مارس الجاري، كما تم تقديم العرض المسرحي «وادي المجادير» من تأليف وإخراج الفنان عبدالرحمن المناعي، بالتعاون مع فناني فرقة الدوحة المسرحية، إلى جانب إلقاء كلمة اليوم العالمي للمسرح التي ألقاها الفنان علي حسن عبر تقنية البث المصور، فضلًا عن تكريم الفنان موسى زينل، والمشاركين في إنجاح الفعالية.

في بداية الاحتفالية تم عرض مسرحية «وادي المجادير»، التي تدور أحداثها حول موضوع آني يتماس وما يجري على الساحة العالمية حاليًا بعد انتشار فيروس كورونا، حيث تتناول المسرحية ثنائية الحياة والموت، وتحوّلات الإنسان في ظل الكوارث التي تحلّ به. فيحكي العمل عن فترة الثلاثينيات من القرن الماضي، حيث اجتاح قطر ومناطق أخرى من الخليج وباء الجدري، وذلك في صيف عام 1932. ويُجسد الشخصيات في تلك المسرحية كل من أحمد عفيف في دور «المداوي»، وزينب العلي في دور «أم سعيد»، وجاسم السعدي في دور «المجدور».

تتويج الفائزين

وفي أعقاب العرض المسرحي توج سعادة وزير الثقافة والرياضة الفائزين بجوائز المهرجان، حيث فاز فريق مسرحية «لا توقظ اللوه» لطلاب جامعة قطر بأفضل عرض متكامل، فضلًا عن عدد كبير من الجوائز. وخارج معايير لجنة التحكيم، منح مركز شؤون المسرح جوائز تشجيعية، تقديرًا لجهود الطلبة في الأداء والتأليف والإخراج، ففي مجال التمثيل فاز مناصفة كل من خالد الحميدي عن مسرحية «لا توقظ اللوه»، وعبد الرحمن المنصوري عن مسرحية «مختل عقليًا»، كما فاز أيضًا في مجال التمثيل كل من هنيدة بوشناق عن «عزف منفرد»، وهيا الصالحي «مختل عقليًا». وفاز بجائزة مركز شؤون المسرح التقديرية في الإخراج عبدالله الملا عن مسرحية «مع مرتبة الشرف»، ومجال التأليف فازت مناصفة منى العنبري عن «عزف منفرد»، وإيمان المري، «لا توقظ اللوه». فيما فاز بجائزة أفضل إدارة إنتاج فيصل العزبة عن مسرحية «مع مرتبة الشرف»، وبجائزة أفضل أزياء نورة المالكي عن مسرحية «لا توقظ اللوه»، وفاز بجائزة أفضل مؤثرات سمعية وبصرية مسلم الكثيري عن عرضه «لا توقظ اللوه»، وبأفضل إضاءة إبراهيم لاري عن «لا توقظ اللوه»، وبأفضل ديكور جاسم عاشير عن مسرحية «مع مرتبة الشرف»، وفازت بجائزة أفضل ممثلة «دور ثاني» العنود الخوري عن مسرحية «مختل عقليًا»، وبأفضل ممثلة «دور أول» كلثم المناعي عن مسرحية «مختل عقليًا» أيضًا، بينما ذهبت جائزة أفضل ممثل «دور ثاني» مناصفة لكل من مسلم الكثيري وأحمد ميا عن دورهما في مسرحية «لا توقظ اللوه»، وفاز بجائزة أفضل ممثل «دور أول» كل من منذر السابعي عن مسرحية «مع مرتبة الشرف» مناصفة مع إبراهيم لاري عن دوره في مسرحية «لا توقظ اللوه» و«مختل عقليًا»، وفازت بجائزة أفضل إخراج إيمان المري عن مسرحية «لا توقظ اللوه»، فيما ذهبت جائزة أفضل نص لتميم البورشيد عن مسرحية «مع مرتبة الشرف»، وفازت بجائزة لجنة التحكيم الخاصة جامعة قطر عن مشاركتها بمسرحية «مع مرتبة الشرف».

من جانبه قال الفنان صلاح الملا مدير مركز شؤون المسرح في بداية الحفل: إنه بعد مرور أربعة أعوام على تأسيس المركز يرى نفسه واقفًا في المكان ذاته وأمام عينيه الاستراتيجية التي وضعت آنذاك، والتي وصفها بأنها كانت عبارة عن أوراق تم ملؤها بكثير من الأحرف والأسئلة والكلمات والمشاريع، ونسب النجاح والمعوقات، مشيرًا إلى أنه في المكان ذاته جلس مع الفنانين واجتمعوا وتناقشوا واختلفوا حول الطريقة التي يتم بها تجسيد ما كُتب منها: التوجه بمسرحنا نحو مجتمعنا، وتفعيل دور الفرق وتوفيق أوضاعها، والعمل على الارتباط بالناس، واستكمال تطوير الأنواع المسرحية الأخرى مثل مسرح الدمى والمسرح المدرسي والمسرح الشبابي ومسرح الجاليات، وقال: أرى أننا اليوم استطعنا جميعًا بالعمل الصادق والجهد المشترك وبدعم سخي من الدولة وبمؤازرة الجميع الوصول إلى الثمار التالية، ثم قام بتقديم العديد من الإحصائيات التي توضح ما تم تحقيقه على مدار الأيام القليلة الماضية، وفي ختام كلمته طلب من جميع الشباب المشاركين الالتحاق بالفرق المسرحية الأهلية والمراكز الشبابية المنتشرة في البلاد ومواصلة الإبداع.

بدوره قرأ الفنان علي حسن عبر الشاشة، كلمة اليوم العالمي للمسرح التي كتبتها هذه السنة المؤلفة والممثلة البريطانية هيلين ميرين، وهو التقليد الذي اعتادت عليه المسارح، حيث يتم قراءة تلك الكلمة في الوقت ذاته في البلدان المختلفة حول العالم. وفي نص رسالتها تقول الفنانة الإنجليزية هيلين ميرين: «كان هذا وقتًا صعبًا للغاية بالنسبة للفنون الأدائية الحية، كافح فيه العديد من الفنانين، والفنيين، والحرفيين، والنساء، في مهنة هي في الأصل محفوفة بانعدام الأمن». وتابعت ميرين: «ولربما كان انعدام الأمن الذي ارتبط دائمًا بهذه المهنة، هو ما مكن هؤلاء الفنانين من النجاة في ظل جائحة كورونا، متسلحين بالكثير من الذكاء والشجاعة، ففي ظل هذه الظروف الجديدة، حول الفنانون خيالهم إلى طرق إبداعية وترفيهية ومؤثرة ليتمكنوا من التواصل مع العالم، ويعود الفضل في ذلك بشكل كبير بالطبع إلى شبكة الإنترنت». وأضافت ميرين: إنه ومنذ بدء الخلق ونحن البشر نستخدم السرد القصصي كشكل من أشكال التواصل بيننا، ولذلك فإن ثقافة المسرح الجميلة ستبقى طالما بقينا نحن هنا. واختتمت «ميرين» رسالتها قائلة: «لن تختنق أبدًا الرغبة الإبداعية للكتاب، والمصممين، والراقصين، والمغنين، والممثلين، والموسيقيين، والمخرجين، وفي المستقبل القريب ستزهر تلك الرغبة مرة أخرى تدفعها طاقة جديدة وفهم جديد للعالم الذي نتشاركه جميعًا، وكم أتحرق شوقًا لذلك».

كلمة المسرح القطري

ثم ألقى موسى زينل كلمة المسرح القطري معربًا عن سعادته كون تلك الدورة حملت اسم موسى عبد الرحمن، ذلك الفنان الذي ترك بصماته في المسرح القطري عمومًا وبشكل خاص في المسرح المدرسي والشبابي، كما قام بتكوين العديد من فرق الفرجان، وفي هذا المقام قدم زينل التحية للفنان عبد الرحمن المناعي الذي وصفه بأستاذ الأجيال، مشيدًا بدوره في إطلاق قدرات الشباب وطاقتهم من خلال إشراكهم دائمًا في أعماله، ووجه التحية أيضًا لوزارة الثقافة والرياضة التي ثمن جهودها وأشاد بحرصها الدائم على دعم القطاع الشبابي، تلك الساحة التي رأى أنها كفيلة برفد قطاع المسرح بالمبدعين، وفي ختام كلمته قدم موسى زينل دعوته إلى الشباب للتمسك بهذه الهواية، مؤكدًا لهم أن العلاقات التي تتكون في هذه المرحلة هي التي ستبقى، وأشار إلى أنه مازال على علاقة مع زملاء مرحلة الشباب، ودعا لتحقيق المزيد من الاهتمام بالفرق المسرحية.

مشاركون: المهرجان حقق فوائد كبيرة للشباب

أعرب عدد من الطلاب عن سعادتهم بالمشاركة في مهرجان المسرح الجامعي الثاني، حيث أكدوا على الفائدة الكبرى التي قاموا بتحقيقها من خلال مشاركتهم في هذا الحدث الفني الكبير الذي حظي باهتمام كبير من وسائل الإعلام المختلفة. من جانبها أعربت مريم العنبري الحاصلة على جائزة مركز شؤون المسرح التقديرية في مجال التأليف مناصفة عن سعادتها بهذا الإنجاز، وقدمت شكرها للمركز والقائمين عليه لإعطائها هذه الفرصة للمشاركة في المهرجان وتحقيق النجاح. مشيرة إلى أن الجائزة تتويج لجهود كبيرة تم بذلها من المشاركين والمنظمين على السواء، وأكبر نجاح بالنسبة إليها هو أنها شاهدت نصها يجسّد على خشبة المسرح ضمن هذا الحدث المهم.

فيما قال إبراهيم لاري الحاصل على جائزة أفضل إضاءة، وأفضل ممثل «دور أول»: إن الجوائز التي حصدها لم تكن لتتحقق لولا مجهود زملائه وتكاتفهم، مشيرًا إلى أنهم عازمون على المضي قدمًا من أجل المشاركة في تفعيل الحراك المسرحي في البلاد، وعبّر تميم البورشيد الفائز بجائزة أفضل نص عن مسرحية «مع مرتبة الشرف» عن فخره بمشاركته للمرة الأولى في مهرجان المسرح الجامعي، وقال: لا تكفي الكلمات للتعبير عن سعادتي البالغة بالجائزة التي حصلت عليها، والتي تؤكد حرص وزارة الثقافة على دعم الشباب وتشجيعهم على الاستمرار في الإبداع، كما تقدم بشكره إلى طاقم عمل «مع مرتبة الشرف»، متمنيًا أن يكون نصه الذي شارك به في المهرجان أول الغيث واعدًا بالاستمرارية، وقال منذر السابعي الفائز بجائزة أفضل ممثل «دور أول» مناصفة، عن دوره في مسرحية «مع مرتبة الشرف»: فخور جدًا بالجائزة، وسعيد بمشاركتي الأولى في هذا المهرجان الذي يفتح لنا آفاقًا واعدة في المستقبل. مشيرًا إلى أن الجائزة تعد حافزًا للاستمرار في تقديم أعمال مسرحية من أجل تفعيل الحراك المسرحي في الدولة.