شهد المسرح الرئيسي في معرض الدوحة الدولي للكتاب أولى فعالياته، وذلك بندوة (الجدل بين الإسلام واليهودية.. قراءة تاريخية وثقافية)، حاضر فيها المفكر التونسي د.فوزي البدوي، وأدارها الإعلامي جاسم سلمان.
استهل جاسم سلمان الندوة بالتأكيد على أهمية الثقافة والفكر، باعتبارهما صمام أمان، لاستعادة الفعل الإنساني في هذا العالم المتضارب.
وشدد سلمان على أهمية الحاجة الى اصوات اكاديمية متزنة لفض العلاقة الجدلية بين الإسلام واليهودية من خلال قراءة تاريخية وثقافية، لا سيما في هذا الوقت الذي تتعرض فيه غزة إلى حرب إبادة.
استحضر د. فوزي البدوي الظهور التاريخي لليهودية قبل البعثة المحمدية، عندما ظهرت اليهودية في الجزيرة العربية، حينما كانت تفد إلى يثرب، إلى أن كانت البعثة المحمدية وظهور الإسلام، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان دائم السؤال عن اليهود، وأنه كانت لديه قناعة صلى الله عليه وسلم بأنهم الأقدر على فهم رسالته، وأن أول شخص التقاه عند دخوله يثرب كان اليهودي أبوعامر الراهب الذي واجه الرسول صلى الله عليه وسلم بالسؤال عن سبب بعثته.
وتطرق د. فوزي البدوي إلى عداء اليهود للإسلام، وجهود الرسول صلى الله عليه وسلم في تصفية يهود بني قينقاع وإجلاء اليهود عن المدينة. لافتًا إلى أن من الوحيد الذي تناول محزرة بنو قريظة هو ابن هشام في سيرته.
وتناول د. البدوي مرحلة اخرى من مراحل الوجود في الدولة الإسلامية، والتأكيد بأنهم كانوا منتشرين في الديار الإسلامية، وأن وجودهم في فلسطين كانوا كأفراد كغيرهم في بقية البلدان، دون أن تكون لذلك خصوصية تاريخية، وأن حياتهم في ديار الإسلام كانت هادئة، ولم تكن كتلك المذابح التي تعرضوا لها في أوروبا.
أكد د.فوزي البدوي أن تاريخ اليهود بعد الإسلام في الجزيرة العربية كان هادئًا ، وظل الحال على هذا النـحو حتى القرن 18 ، حيث لم يكن لهم وزنًا سياسيًا، ولذلك اعتبروا جماعات هامشية، إلى أن كان عصر التنوير في أوروبا بظهور المثقف والأفكار الجديدة، والحديث عن المواطنة، وهو ما أحدث حراكا كبيرا لدى اليهود، وبحثهم عن فكرة المواطنة، لافتقادهم العقد الاجتماعي، ما جعلهم يبحثون عن مجتمع ووطن، ورغبتهم في الخروج من الانغلاق، إلى الاندماج، خوفًا من اختفاء الهوية اليهودية، في ظل الحالة الفكرية التي كانت تسود أوروبا، وتعرض اليهود على إثرها للمذابح.
هنا وصل د. فوزي البدوي إلى فكرة المشروع الصهيوني، الذي نبع جراء هذه المذابح لليهود في أوروبا، بأن يكون لهم يعيشون فيه، ولم يكن استقرار هيرتزل آنذاك على فلسطين بعينها.
ولفت إلى أنه في العام 1948 وصل الصراع بين الإسلام واليهودية مرحلة جديدة، وتغيرت العلاقة بين الجانبين بشكل نهائي. لافتًا إلى أنه لا يجب النظر إلى (إسرائيل) على أنها امتداد لليهود السابقين، الذين عرفهم المسلمون سابقًا.
وشدد على ضرورة إنتاج المراكز الفكرية والأكاديمية لدراسات وأبحاث عن المشروع الصهيوني، وسد الفراغ في هذا الجانب، عن طريق مواقف واضحة.
وشدد على ضرورة أن يكون للجامعات دور في هذا السياق، والربط التاريخي بين ما يجري من استيطان وجرائم حاليًا، وبين العلاقة مع اليهود تاريخيا. لافتًا إلى أن نتنياهو يرى في نفسه زعيمًا لضمان لحفظ دولة (إسرائيل)، داعيًا إلى ضرورة فهم اليهودية وفق دراسة علمية وإعداد الجيل الجديد بكيفية جديدة بعيدًا عن الكتب القديمة، والتركيز في المستقبل، وليس الوضع الآني فقط.
ولفت إلى أن 7 أكتوبر حرك الكثير من السواكن لدى (إسرائيل)، كما حركت نكسة 67 سواكن العرب. مشددًا على الاهتمام بالترجمة على غرار بيت الحكمة في بغداد، وتعلم اللغة العبرية، والاهتداء في ذلك بدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم لاحد اصحابه بتعلم العبرية.