تنطلق الأسبوع المقبل الورش التعليمية في مجال الفنون التشكيلية، والتي يقيمها مركز الفنون البصرية عن بعد، بغية القيام بدوره التعليمي ضمن مشروعه الأساسي في تعليم أفراد المجتمع على الفنون البصرية، علاوة على استنهاض أصحاب المواهب لدى مختلف الشرائح، واستقطابها لممارسة الفنون البصرية.
وللوقوف على طبيعة هذه الورش. يتحدث الفنان التشكيلي سلمان المالك، مدير مركز الفنون البصرية، لـ الشرق عن مجالات هذه الورش، ومدى تفاعل رواد المركز عبر منصاته الرقمية مع حزمة الأنشطة والمسابقات، والتي سبق وأطلقها المركز ضمن حملته التوعوية بمخاطر وباء كورونا.
كما تناول الحديث أبرز الفوارق بين اللوحة الافتراضية والأخرى المباشرة، علاوة على جوانب فنية أخرى ذات الصلة، جاءت على النحو التالي:
-ما مدى تفاعل رواد منصات مركز الفنون البصرية الرقمية مع الفعاليات التي يقدمها المركز، وخاصة بعد جائحة كورونا؟
بداية، أؤكد أن كل الأنشطة والفعاليات التي أطلقها المركز منذ تداعيات جائحة كورونا تأتي ضمن اختصاصات المركز، وهو مجال الفنون البصرية، لدعم إقامة الجميع في البيوت، فضلاً عن شغل أوقات فراغهم عبر فعاليات متنوعة في مجال الفنون التشكيلية.
ووفق ما رصدناه من مشاركات مع أنشطتنا وفعالياتنا عبر منصات المركز الرقمية، فإن هناك تفاعلا لافتا، حيث تصلنا العديد من المشاركات التي تعكس تحقيق الحملة التوعوية التي أطلقها مركز الفنون البصرية تحت شعار “نحن أقوى”، ضمن الحملة التوعوية الشاملة لوزارة الثقافة والرياضة، بما يؤكد نجاحنا في ما سعينا إليه بأن نصل إلى أفراد المجتمع، وشغل أوقات فراغهم، وهم داخل الحجر المنزلي.
ونتيجة لما حققته مسابقة “من كل بيت رسمة” في نسختها الأولى من تفاعل، فإننا نستعد الآن لإطلاق النسخة الثانية منها، بشكل أعمق، وبجوائز أكبر للمشاركين الفائزين.
رموز فنية
-وما الدلالة التي تحملها مسابقة “فكر مع مبدع”، التي أطلقها المركز تزامناً مع شهر رمضان المبارك؟
سعينا من خلال هذه المسابقة إلى تحقيق هدفين في وقت واحد، الأول هو شغل وقت فراغ الناس في البيوت، وهذا في مقدمة أولويات طرحنا لهذه المسابقة وغيرها من المسابقات، والثاني تعريفهم برموز الفن التشكيلي في قطر ودول أخرى، إذ تقوم المسابقة على طرح تساؤل حول رموز الفن التشكيلي وإسهاماتهم في هذا المجال، وذلك سعيا من المركز لنشر الفنون في المجتمع.
وكانت البداية مع رموز المجتمع الفنية ممثلة في الفنانين الراحلين، جاسم زيني، ويوسف الشريف، ووفاء الحمد، ولم نغفل فنانين عربا آخرين، مثل رسام الكاريكاتير الفلسطيني الراحل ناجي العلي، وغيرهم من الفنانين التشكيليين.
ولذلك، سعينا إلى تقديم معلومات عن هذه الرموز من ناحية، وتوثيق مسيرتهم الفنية في مجال الفنون البصرية من ناحية أخرى، وذلك عبر تقديم مسابقة “فكر مع مبدع”، والتي تم تخصيص جوائز قيمة للفائزين بها، مرحبين في ذلك بمشاركات الجميع من مختلف الشرائح، وفق شروط تنظيمية، وليست تعجيزية، لتسهم بدورها في تسهيل مهمة المشاركين، وتحفيزهم على ذلك.
تنمية المهارات
-برأيك، أين يأتي دور المركز التعليمي، بما يسهم في نشر الفنون وتعليمها للمبتدئين، أو لتنمية مهارات الموهوبين؟
 هذا الدور موجود، إذ يضطلع المركز بأدوار تعليمية من خلال الأقسام التي يضمها وهى الرسم والحفر الطباعي والخط العربي، والخزف، منطلقين في ذلك من الحرص على نشر الفنون بالمجتمع، وفق رؤية وزارة الثقافة والرياضة، (نحو مجتمع واعٍ بوجدان أصيل وجسم سليم).
ومن خلال هذا الدور التعليمي، فإن المركز سيطلق ورشاً تعليمية عن بعد، تم إعدادها على مستوى عالٍ من الحرفية والمهنية، حيث قام بإعدادها مدربو المركز، والذين يستحقون الشكر على هذه الجهود التي قاموا بها، حيث عملوا على إعداد “فيديوهات” تعليمية، سيتم بثها عبر قناة المركز على “يوتيوت”، بهدف تعليم رواد منصاتنا على الرسم والخط العربي والحفر الطباعي والخزف، وذلك بطرق سهلة للغاية، تعين أصحابها على حُب الفنون، وممارستها وصولاً إلى احترافها، وهذا أحد أهدافنا في نشر الفنون بالمجتمع، على نحو ما سبقت الإشارة.
فوارق بصرية
-مع إفراز أنشطة المركز لمشاركات تشكيلية، كفنان هل ترى ثمة فارق بين اللوحة التشكيلية المعروضة مباشرة للجمهور، وبين الأخرى الافتراضية؟
بداية، علينا أن ندرك أننا في ظروف استثنائية وطارئة بالدرجة الأولى، وأن هذه بدائل لجأنا إليها في ظل الالتزام بالتوجهات العامة للدولة بالتزام الجميع البيوت، ولذلك سعينا إلى شغل أوقاتهم أثناء هذه الإقامة المنزلية بالأنشطة والفعاليات التي يقيمها المركز عن بعد. غير أنه مع هذا الظرف الاستثنائي، فإن الفرع لا يمكن له أن يلغي الأصل، وسوف تظل الأعمال الفنية التي يشاهدها الجمهور مباشرة هى الأصل، وما عداها هى الفرع، غير أن ما لا يدرك كله، لا يترك جله، ونسأل الله تعالى أن يرفع عنا هذا البلاد لتعود حياتنا الطبيعية كما كانت، ونستمتع خلالها بمشاهدة الفنون الجميلة.
أما عن الفوارق بين اللوحة المباشرة، والأخرى الافتراضية، فهناك بالطبع فوارق، في مقدمتها درجة نقاوة اللون، وحجم العمل، وإحساس الجمهور المباشر بالعمل الفني المعروض.
ولو لم تكن هناك فوارق، لما كانت هناك متاحف تحتضن إقامة معارض الفنون التشكيلية، أو أن تكون مركزاً دائماً لعرض هذه الأعمال.
ساحة الفنون
-هل يعني هذا أن مثل هذه الفعاليات حققت أهدافها في نشر الفنون البصرية بالمجتمع؟
الأمر يبدو كذلك، على نحو ما يصلنا من مشاركات فنية متنوعة من مختلف الشرائح، إذ أن نظامنا الأساسي الذي ننطلق منه- كما سبق وذكرت- نشر المركز للفنون البصرية في المجتمع، وهو ما نعمل عليه، ولمسنا في ذلك تفاعلاً واضحاً، ليأتي هذا الدور التعليمي عن بعد مكملاً لذلك الدور الذي كنا نقوم به في السابق، من خلال “ساحة الفنون” لتستقطب إليها مرتادي المؤسسة العامة للحي الثقافي (كتارا)، وفي الوقت نفسه طلاب وطالبات المدارس، عبر إقامة العديد من الورش التعليمية لهم، بغية استنهاض ما بهم من رغبة تجاه الفنون وتعلمها، بالإضافة إلى احتضان المواهب الفنية التي تعكسها مثل هذه المشاركات.
ولعل في النسخة المنقضية من مسابقة “من كل بيت رسمة”، والتي تم إطلاقها مع حملة التوعوية عن بعد، تبرز لها ثمار ما كنا نعمل عليه، حيث وجدنا مخرجات مما كنا نقوم به في السابق من أعمال فنية واعدة من جانب المشاركين، سواء في فئة المسابقة للصغار، أو للكبار، إذ خاض بعضهم ورشاً بالمركز عن قرب قبل جائحة كورونا، ليكون من مخرجات هذه الورش، تلك الأعمال الفنية الواعدة، التي سيحظى أصحابها بالتوثيق من خلال إقامة معرض كبير، يحتضن هذه الأعمال، بعد انتهاء آثار هذا الوباء، وتعود الحياة إلى طبيعتها.
-وكفنان أيضاَ، ما الشيء الذي لمست غيابه خلال رمضان هذا العام؟
أهم شيء ألاحظ أنني افتقدته في رمضان هذا العام، هو أداء الصلوات في المساجد، ومعها بالطبع صلاة التراويح، فلم يكن يدور في الخيال مطلقاً أن يأتي علينا يوم ليتم فيه إغلاق المساجد، ولذلك نفتقد هذا الأثر الإيماني الكبير في حياتنا، علاوة على ذلك اللقاء العائلي على المستوى الكبير، وقاية وحماية للجميع من آثار كورونا، ومن ثم حماية للمجتمع ذاته.
مشروع فني
-على المستوى الشخصي كفنان، كيف استثمرت الحجر المنزلي ؟
استفدت منه على المستوى الشخصي بمراجعة الكثير من الأولويات لي، علاوة على الاعتكاف على إنجاز العديد من الأعمال الفنية، التي تدور في فلك أساسي، وهو المرأة، تلك الزوجة والأم والأخت والابنة، والدور الكبير الذي تقوم به في خدمة الأسرة، ولذلك كان لابد من الاحتفاء بها فنيا من خلال إنجاز أعمال فنية تتناولها، وإبراز دورها، كوننا مدينين لهن برد الجميل، وإبراز دورهن في أعمال تشكيلية. وتضاف هذه الأعمال إلى أعمال أخرى سبق أن أنجزتها حول نفس الفكرة، لتأتي ضمن مشروعي الفني العام.