استضاف الصالون الثقافي للإعلامي سعد الرميحي رئيس المجلس القطري للصحافة، نخبة من المثقفين القطريين وأصحاب دور النشر القطرية والعربية، للحديث عن الدورة الحادية والثلاثين لمعرض الدوحة الدولي للكتاب، والتي أقيمت في الفترة من 13 وحتى 22 يناير الجاري، وأبرز المتغيرات والتطورات والتحديات التي شهدها المعرض في نسخته الأخيرة.

شارك في الصالون الثقافي المحامي عبدالله نصر النصر أحد أبرز المهتمين بالحركة الثقافية في قطر، والسيد جاسم البوعينين مدير معرض الدوحة الدولي للكتاب، والأستاذ عبدالعزيز السيد مدير معرض “سهيل” صاحب أكبر مكتبة تراثية تحتوي على مقتنيات نادرة، والمفكر العراقي حازم السامرائي صاحب دار الحكمة للنشر، والسيد بشار شبارو المدير التنفيذي لدار جامعة حمد بن خليفة للنشر، والناشر القطري إبراهيم السيد، والسيد صادق العماري رئيس تحرير جريدة الشرق، والدكتور نايف بن نهار مدير مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة قطر، والشاعر والمفكر الموريتاني د. عبدالرحمن الشيباني، ولفيف من المفكرين والإعلاميين.

* تحديات الدورة الحادية والثلاثين
في البداية رحب السيد سعد الرميحي بالمشاركين، مضيفاً أن الندوة جمعت أبرز الكتّاب والمفكرين لمناقشة أبرز أهم الإيجابيات والتحديات والمكتسبات التي رافقت النسخة الحادية والثلاثين لمعرض الدوحة الدولي للكتاب، وإثراء المناقشات بأفكار وأطروحات ورؤى مستقبلية حول كيفية البناء على نجاح المعرض الذي اختتم فعالياته الاسبوع الجاري، وتطويره في الأعوام القادمة.

وقال إن النسخة المنتهية من المعرض واكبت مرور خمسين سنة على انطلاقه للمرة الأولى عام 1972، كأول معرض خليجي ورابع معرض عربي، وهو ما عكس ريادة دولة قطر الثقافية واستمرار عطائها في نشر الثقافة والمعرفة ليتطور المعرض عامًا بعد عام، فقد شهد المعرض استضافة أكثر من 400 دار نشر من جميع أنـحاء الوطن العربي، من بينها دور نشر في غاية التميز من العراق ومصر والكويت، وهذا بالتأكيد كان له أثر واضح على ثراء المعرض بما تم عرضه من كتب قَيّمة، لافتًا إلى أن الوطن العربي بحاجة إلى إقامة مثل هذه المعارض وزيادة أعداد الكتب المطبوعة، ففي إحصائية عدد المطبوعات في بلدان الوطن العربي مجتمعة، لا تمثل أكثر من 20% من الكتب والمطبوعات في دولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية.

430 دار نشر
وتطرق السيد جاسم البوعينين مدير المعرض إلى أبرز المكتسبات مع انتهاء الفعاليات، موضحاً أن 430 دار نشر شاركت في المعرض، بالإضافة إلى 90 توكيلًا بشكل غير مباشر لناشرين عرب وأجانب، يمثلون 37 دولة عربية وأجنبية ما جعل هذه النسخة هى الأكبر والأضخم في تاريخ معرض الدوحة الدولي للكتاب حتى الآن.

وأوضح أن المعرض حفل هذا العام بنشاط ثقافي على مدار اليوم من خلال إقامة فعاليات ثقافية وفنية وتراثية متنوعة، بالإضافة إلى أمسيات شعرية، ومعارض تشكيلية، وعروض مسرحية، تفاعل معها الجميع، من مختلف الأعمار والفئات، ومن بينهم الأطفال، وقدمت وزارة الثقافة خلال المعرض الحادي والثلاثين أكثر من 400 فعالية بين ندوات فكرية وأمسيات أدبية على المسرح الرئيسي.

* نسخة ناجحة
بدوره قال المفكر عبدالله نصر النصر، إن المعرض أقيم في ظروف استثنائية بسبب التطورات الصحية الأخيرة فيما يتعلق بانتشار وباء كوفيد 19، وعلى الرغم من هذا التحدي كانت هناك إرادة حقيقية لوزارة الثقافة وللقائمين على المعرض وعلى رأسهم سعادة الشيخ عبدالرحمن بن حمد آل ثاني وزير الثقافة، لتنظيم المعرض تحت أي ظروف، ليقدموا لنا واحدة من أبرز وأنجح نسخ المعرض على مدار رحلته الطويلة في قطر منذ سبعينيات القرن الماضي.

وأضاف: “على الرغم من تقليص الفعاليات، وعدد دور النشر المشاركة في المعرض بسبب جائحة كورونا، إلا أن هذه النسخة من المعرض هي الأفضل من حيث التنظيم، والناشرين المشاركين، والزخم حول المعرض”.

من جانبه، قال المفكر حازم السامرائي، إن المعرض كان من المعارض المتميزة، ولم يتم مصادرة أي من الكتب المشاركة، كما ألغيت رسوم الإيجار لدور النشر، مما شجع العديد من الناشرين على المشاركة، وكذلك كانت أسعار الكتب في المتناول، وبما أن المجتمع القطري قوة شرائية كبيرة، كان المعرض أيضاً مميزاً في نسبة مبيعات الكتب، وبالتأكيد جميع تلك العوامل ساهمت في نجاح هذه النسخة بامتياز.

* فعاليات متنوعة
وتابع السامرائي: “اهتمت وزارة الثقافة بتنظيم نسخة متميزة من معرض الدوحة الدولي للكتاب شكلاً ونوعاً وكماً، ما جعلها تحظى بإعجاب زائري المعرض، الذين تنوعوا على مختلف شرائحهم. وتميزت الدورة الحادية والثلاثون بنوعية الكتب والمعروضات ومختلف الأنشطة والفعاليات الثقافية والتي زادت عن 400 فعالية”، مشيراً إلى أن توجيهات سعادة وزير الثقافة كانت التركيز على طباعة وعرض الكتب التي تفيد المجتمع.

فيما أكد السيد بشار شبارو، أن المعرض الأخير أثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن قطر قادرة على أن تصبح إحدى عواصم الكتب في الشرق الأوسط، ولا يوجد ما يمنع أن يكون للدوحة دور ريادي في هذا المجال الثقافي الهام، فالإمكانيات متوفرة.

* تنوع ثري
من جانبه أشاد الدكتور نايف بن نهار بما طرأ من تطورات ملحوظة في المعرض، موضحاً أنه كان من غير الممكن أن نرى مطبوعات في الدراسات النقدية للشريعة، ولكن هذا العام تفاجأت بكم الكتب النقدية في هذا المجال، مما يشير إلى تنوع المعروض. منوهاً إلى أن هناك بعض دور النشر خصصت لها مساحات كبيرة على الرغم من قلة مطبوعاتها، ومن الأفضل تخصيص مساحات بما يتناسب مع حجم المشاركة والمطبوعات لكل دار نشر في الأعوام المقبلة.

وأوضح الأستاذ ابراهيم السيد أن معرض الدوحة من المعارض المطلوبة في منطقة الخليج، نظراً لأن القوة الشرائية في قطر كبيرة ومهمة للغاية بالنسبة إلى الناشرين، وبالفعل شهد العام الجاري توسعاً في استقطاب دور النشر المميزة وكانت المشاركة مجاناً، كما أن النشاط الإعلامي المصاحب للمعرض أيضاً كان مميزاً للغاية.

ودارت مناقشات ثرية بين المشاركين حول الرقابة على الكتب المعروضة في المعرض بين مؤيد للرقابة في حدود معينة ومعارض لأي شكل من أشكال الرقابة، وفي هذا الصدد قال صادق العماري إن الرقابة مهمة للغاية لعدم تسلل الأفكار المتطرفة والشاذة إلى المجتمع، فنحن لا نعلم مدى قدرة كل فرد على استيعاب هذه الأفكار والتأثر بها، ووافقه في الرأي السيد عبدالله النصر الذي أكد بدوره أن الدولة مسؤوليتها عدم عرض الأفكار التي تسيء للأخلاق، وتسوق لأفكار هدامة ضد الأخلاق والدين، فيما يرى السيد بشار شبارو أن الممنوع مرغوب وجميع المصادر والكتب الآن متوفرة أونلاين لذلك فإن المنع في حد ذاته وسيلة لنشر الأفكار الهدامة على نطاق أوسع.

* حدود الرقابة
كما دارت مناقشات أخرى حول مساحات أجنحة المعرض، وقال الأستاذ عبدالعزيز السيد إن جمهور معارض الكتاب اختلف، لذلك يجب أن يشمل المعرض صالونات ومقاهي وبنيانًا فاخرًا، وتصاميم مميزة ليجذب الزائرين إلى المعرض، ويكون ملائمًا للجميع، فالديكورات تعطي انطباعاً مميزاً، على اعتبار أن تعظيم البنيان جزء من ثقافتنا العربية، ووافقه في الرأي الأستاذ صادق العماري مشيراً إلى أن أجنحة الوزارات قدمت عروضاً تاريخية وثقافية مميزة للغاية وكانت ثرية للزوار، فيما أشار جاسم البوعينين إلى أن عدد أجنحة الوزارات لم يتجاوز 3 أجنحة فقط وجميعها وزارات شريكة في الفعاليات.