اختتمت وزارة الثقافة أمس النسخة الأولى من موسم الندوات، الذي بدأته منذ 17 مارس الماضي، بالشراكة مع جامعة قطر والمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، حيث شهدت الفعالية الأخيرة جلسة بعنوان “التواصل الاجتماعي”، ناقش خلالها الحضور مدى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على المجتمع، وإيجابيات وسلبيات هذه المواقع.

وأكد الدكتور غانم بن مبارك العلي، مستشار سعادة وزير الثقافة، في كلمةٍ له بمناسبة ختام موسم الندوات، أن ختام هذا الموسم يأتي وسط نجاحٍ وتفاعلٍ من المجتمع والمؤسسات، وأن تضافر الجهود والشراكة أثمر موسمًا حافلًا بالفعاليات الفكرية والأدبية، وحقق الأهداف المنشودة بتعزيز وإثراء المشهد الثقافي، ومد جسور التواصل مع كل القطاعات وفئات المجتمع من أكاديميين وباحثين وطلاب وكتاب وإعلاميين، وإبراز محاورين ومتحدثين من المبدعين والمتخصصين.
وقال د. العلي: إن موسم الندوات في دورته الأولى استطاع أن يجمع المثقفين والمفكرين من الأجيال المختلفة للحوار في قضايا أدبيةٍ وفكريةٍ متنوعةٍ لها صلة مباشرة بشواغل النخب الثقافية في علاقتها بالمجتمع، كما نجح في إحداث حراك إيجابي في البيئة الثقافية، واغتنى بالأفكار والتصورات والتوصيات التي ستكون موضع اهتمام وزارة الثقافة لدراستها، ومتابعتها، بما يخدم المجتمع والثقافة في قطر.
وتابع: سيتواصل موسم الندوات كفعاليةٍ مستمرة، من أجل استمرار هذا الزخم والنشاط الثقافي والاجتماعي والإعلامي، وأنه تعزيزًا للحراك الثقافي الذي شهده موسم الندوات تنظم وزارة الثقافة معرض رمضان للكتاب في شهر رمضان المبارك والذي يعد امتدادًا لمعرض الدوحة الدولي للكتاب، ويندرج المعرض ضمن سياسة وزارة الثقافة في توطين الكتاب في قطر، ويسعى إلى نشر ثقافة القراءة والتشجيع عليها ويحتفي بالموروث القطري الذي يُعزز القيم الثقافية الأصيلة، كما يهدف إلى دعم الناشرين القطريين من خلال إتاحة الفرصة لهم لتسويق منشوراتهم وتوسيع دائرة القراء.
ولفت د. غانم بن مبارك العلي: إن المعرض سيتخلّله فعاليات ثقافيّة ودينية ذات صلة بالأجواء الرمضانية التي عُرف بها المجتمع القطري، واختارت وزارة الثقافة أن يكون سوق واقف فضاءً للمعرض لتقريب الكتاب من الجمهور وإنشاء حراكٍ ثقافيٍ في هذا المكان التاريخي الذي يكون في الشهر الفضيل قِبلة للجمهور. داعيًا الجميع لزيارة المعرض الذي يمتد من 8 إلى 16 أبريل الجاري، “ففي حضوركم دعم لمنزلة الكتاب وتشجيع على القراءة”. موجهًا الشكر للجميع على مساهمتهم في إنجاح موسم الندوات.

وشارك في جلسة “التواصل الاجتماعي” مجموعة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، والتي أقيمت في معهد الدوحة للدراسات العليا، عدد من الإعلاميين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، وهم: د. عبدالرحمن الحرمي، الإعلامي جابر ناصر المري، خبير إعلامي بوزارة الثقافة، السيد مبارك الخيارين، السيد عبدالله العنزي، الشاعر عبدالرحمن بن سعود الهاجري، والإعلامية إيمان الكعبي مسؤولة التواصل الاجتماعي بإذاعة قطر، وأدارها الإعلامي حسن الساعي، وحضرها عدد من الإعلاميين والمهتمين والدارسين.
وناقشت الجلسة مدى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على المجتمع، وإيجابيات وسلبيات وسائل الاتصال، واستهل الجلسة الإعلامي حسن الساعي، والذي وجه الشكر لوزارة الثقافة على جهودها في إقامة موسم الندوات، لتبني فعالياته أرضيةً مشتركةً في طرح الأفكار والآراء، لإثراء المشهد الثقافي والفكري.
وبدوره، شدد د. عبدالرحمن الحرمي على ضرورة توظيف الأجهزة الإلكترونية توظيفًا إيجابيًا، بدلاً من التوظيف السلبي لها. وقال: إن العولمة لم تخير أحدًا في أن يكون أو لا يكون، كونها أصبحت جزءًا من حياتنا، ما يدفعنا جميعًا إلى ضرورة أن نتحمل مسؤولية تداعياتها، وأنه في الوقت الذي يمكن القول فيه إن الأجهزة الإلكترونية ثروة معلوماتية، فإنها يمكن في المقابل أن تكون قنبلةً موقوتة.
ومن جانبه، تناول الإعلامي جابر ناصر المري، سلبيات المغردين، منطلقًا في ذلك من جانبٍ إعلامي وآخر سياسي. لافتًا إلى أن بعض رواد وسائل التواصل الاجتماعي قد يستخدمونها استخدامًا سلبيًا، مقابل آخرين، يحسنون استخدامها بشكلٍ إيجابي، فتصبح كنزًا معرفيًا مشددًا على أهمية أن يتحلى مستخدمو هذه المواقع بالمسؤولية المجتمعية، والثبات الانفعالي، وتجنب الشخصنة، مع التحقق مما يتم بثه من معلومات.
وقال إنه في فترة من الفترات كان الإعلام هو الوسيلة الأساسية التي يتم من خلالها تقديم الرسائل، إلى أن اتسع الفضاء اليوم، لتتعدد هذه الوسائل عبر مواقع التواصل الاجتماعي. واصفًا ما يحدث بهذه المواقع بالأمر المخيف، نتيجةً لعدم وجود ضوابط، والاستعجال في التعليق والتغريد.
وعرج المري على المنطلق السياسي، مستشهدًا بمدى تأثير مواقع التواصل الاجتماعي به، وذلك على خلفية العقوبات التي تعرض لها رواد التواصل الاجتماعي الروس، في أعقاب الحرب على أوكرانيا، ما يعني أنه يمكن ابتزاز رواد ونشطاء هذه الوسائل بحرمانهم من استخدامها، على الرغم من كونها قد تكون مصدرًا من مصادر رزقهم.

وبدوره، وجه السيد مبارك الخيارين الشكر لوزارة الثقافة على تنظيمها لهذا الموسم. واصفًا منصة “تويتر” بأنها مساحة كبيرة لإعادة التدوير، وأن هذه المساحة على الرغم من كونها كذلك، إلا أن ما يتم فيها من مناقشات، تعتبر نقاشات لأحداث، بعيدة عن الأفكار، واصفًا ذلك بالإشكالية الكبيرة.
وقال إنه مع بدايات دخوله إلى “تويتر”، حدد هدفه في تجنب الجدل والنقاش غير المفيد، ولذلك حرص على مواكبة سياسة التطوير الحكومي في الدولة، وتقديم كل ما يفيد الناس، وأنه وجد إزاء ذلك تفاعلاً من رواد “تويتر”، ما يعكس مدى تعطشهم للمعرفة، فضلاً عن كونهم على وعي بما يدور في محيطهم. محذراً من خطورة الاستعجال في التغريد، دون تدقيق والتزام بمصداقية المعلومة.
أما السيد عبدالله العنزي فوصف موسم الندوات بأنه ساهم في زيادة مساحة الحرية. موجهًا الشكر لسعادة الشيخ عبدالرحمن بن حمد آل ثاني وزير الثقافة. داعيًا إلى ضرورة تحقيق التقارب بين أولياء الأمور وذويهم، وخاصة عند استخدامهم لمواقع التواصل الاجتماعي، في ظل صعوبة عزلهم عنها.
وتناول الشاعر عبدالرحمن سعود الهاجري تعرض بعض المغردين للتنمر. داعيًا إلى تجاهل هذه النوعية، وقال: إن المغردين عليهم استقاء الأخبار من مصادرها الرسمية، لافتًا إلى إمكانية التنوع في وجهات النظر، دون أي إساءة لأشخاص.
وبدورها، وصفت الإعلامية إيمان الكعبي موسم الندوات بأنه يثري الساحة الثقافية، من خلال ما تم طرحه. وعرضت لتجربتها الشخصية في توجيه أبنائها لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي. وأعربت عن فخرها بتوجيه أبنائها لاستخدام هذه المواقع بالشكل الأنسب. داعيةً أولياء الأمور إلى متابعة ذويهم، مع ضرورة توجيههم التوجيه الأمثل في استخدام هذه المواقع.

تفاعل الحضور

تفاعل حضور الملتقى مع مداخلات المتحدثين، حيث دعت تعقيباتهم إلى ضرورة وجود معايير لاستخدام “تويتر”، مع إنشاء رابطة للمغردين على “واتساب”. وبدوره، حذر الشاعر مبارك آل خليفة من خطورة أن يكون استخدام “تويتر” بهدف تحقيق “الترند”، أو الحصول على أكبر قدرٍ من الإعجابات والمشاهدات، إلى غير ذلك، بعيدًا عما يمكن تقديمه من مضامين هادفة.
وبدورها، رأت الكاتبة مريم ياسين الحمادي، مدير إدارة الثقافة والفنون والمدير العام للملتقى القطري للمؤلفين، أن عملية التواصل في حد ذاتها أصبحت شكلاً من أشكال الإنتاج الثقافي، داعيةً إلى ضرورة أن يتجاوز المغردون مناطق الخلافات والنزاعات، لتكون هناك مسؤولية، ذات مرجعية قانونية وأخلاقية ومهنية. أما الكاتب والإعلامي د. عبدالله فرج المرزوقي، فوجه الشكر لوزارة الثقافة على تنظيمها لموسم الندوات. ووصف إقامة الوزارة لمعرض رمضان للكتاب بأنه أمر يثلج الصدر. داعيًا المغردين إلى تجنب إثارة الفتن، ليتم ممارسة التغريد في بيئةٍ نظيفة، مع عدم إغفال مواكبة العصر.
كما دعا د. المرزوقي إلى إنشاء رابطة عبر “واتساب” تجمع المغردين، أسوة بما هو قائم في الملتقى القطري للمؤلفين، وذلك لتسهيل التواصل.
كما وجه الكاتب د. مرزوق بشير، الشكر لوزارة الثقافة، لاختيارها عناوين موسم الندوات، وإثارة النقاش حولها. لافتًا إلى أن عملية التواصل في حد ذاتها قديمة، وليست وليدة العصر الحديث، غير أنها تطورت مع تطور الإنسان، علاوةً على التطور التقني والثقافي. داعيًا الأكاديميات إلى تدريس عمليات التواصل الحديث في مناهجها، وفق قواعد ومعايير.

وفي ردود المغردين على تعقيبات الحضور، شدد الإعلامي جابر ناصر المري على ضرورة التخصص بالنسبة للمغردين، وعليهم أن يدركوا أنه يمكنهم قيادة الرأي العام، الأمر الذي يحتم عليهم مسؤولية كبيرة، لتكون تجريداتهم وفق ما يدعم ويخدم الوطن.

وشاركه الرأي السيد عبد الله العنزي، والذي شدد على أهمية أن يكون المغرد متخصصًا، مع دعوته لتفعيل دور الرقابة من جانب الجرائم الإلكترونية. فيما وصف الشاعر عبد الرحمن الهاجري “تويتر” بأنه أصبح منبرًا من لا منبر له. فيما قالت إيمان الكعبي إنه ليس بالضرورة أن يكون كل مغرد، مغردًا، إذ إن منصة “تويتر” كانت في السابق للنخبة، إلى أن امتد استخدامها حاليًا على نطاق واسع، دون معايير أو ضوابط.