سلطت الحلقة العاشرة من برنامج «أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم» الذي يقيمه الملتقى القطري للمؤلفين الضوء على المنهج النبوي في الدعوة إلى الإسلام.
وخصصت الحلقة التي تم بثها عبر قناة يوتيوب الخاصة بالملتقى للحديث عن منهج النبي الكريم في الدعوة، حيث أكد مقدم البرنامج الإعلامي سالم الجحوشي أن الإسلامَ دين حكمة وحوار، يرتكز على إيصال الحق وتبليغه لخلق الله، ولا يُلزِمُهم باعتناق الإسلامِ أم يُكرِه الناس على الدخول فيه قال تعالى «وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ»، كما خاطب سبحانه نبينا الكريم (فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ۖ إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ)، وليس في ذلك انتقاصٌ لقدر الرسالة (وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ).
وأشار إلى خلط كثيرين بين مقامِ الدعوةِ ومقامِ الجهاد في السُّنة النبوية؛ موضحا أن الدعوة تكون للمدنيين إذ يتعين على الرسول أن يُوصِلَ إليهم الحق وأن يدعوَهُم إليه برفق وحكمة؛ فإن قبلوا فبها ونِعمت (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ)، وليس في ذلك إكراهٌ لهم، وحقوقُهم مُصانَةٌ ودماؤُهُم حرام، يؤكدُ ذلك قوله صلى الله عليه وسلم «من قتلَ مُعَاهَدًا لم يَرِحْ رائِحةَ الجنة، وإن ريحَها توجدُ من مسيرةِ أربعينَ عامًا»، فالمؤمن مأمور بالوفاء وأن يحافظ على الدماء وألا يُريقَها، وألا يعتدي على الآمنين، قال تعالى (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا).
وأوضح أن الجهاد دفاعٌ عن النفس، وليس اعتداءً على خلق الله، والأمر الإلهي صريحٌ لا يحتاجُ إلى تأويل (وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)، لكن المغالطينَ والناقمينَ على الإسلامِ يجمعونَ مع سبقِ الإصرارِ والترصُدِ بينَ الأرْوَى والنعام، ليُبّغِّضُوا الإسلام في النفوس (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ).
وقال الإعلامي سالم الجحوشي إن النبي الكريم فرَّق بين الدعوةِ والجهاد، وعلَّم أصحابه منهجَ الدعوة إلى الله، وها هو يؤكد لهم «إنَّ الدين يُسرٌ، ولن يُشادَ الدينَ أحدٌ إلا غلبه فسدِّدوا وقارِبوا وأبشِروا»، وفي موضعٍ آخر يعيد التأكيد على ذلك «يسِّروا ولا تُعسِّروا، وبشِّروا ولا تُنفِّروا».
وتابع لقد فرّق ربنا بين منهجِ الدعوةِ إليه والجهادِ في سبيلِه؛ ففي مضمارِ الدعوةِ (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا)، وفي حَلَبَةِ الجِهاد (وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ)، لا مغالاة لا في الدعوة ولا في العبادة، ولا يحتاج الإسلام من أتباعه أن يتشنجوا أو يبالغوا، وتأتي النصيحة النبوية «إن هذا الدينَ متينٌ فأوغِلوا فيهِ بِرفق»، لأن دينَنَا منهجٌ إلهيٌّ متكاملٌ يهدِفُ إلى سعادةِ البشرية، وليس للتنغيصِ عليهم وتكبيلِهم ومنعِهم من التمتُّع بنعمِ الله، وإنما يُنظِّم لهم كيفيةَ الإفادةِ من متاعِ الحياةِ الدنيا حتى لا يخسروا النعيمَ المقيمَ (فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ* فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ).
وأضاف أن المنهج النبوي في الدعوة على وضوحه إلا أنه مُحَمَّلٌ بأدْرَانِ بعضِ منتسبيه، هذه حقيقةٌ لا يُنكِرها عاقلْ، لكن الإنصافَ يقتضي أن نميِّز بين الأساسِ المتين الذي يمثلُه الهَديُّ النبويُّ وبين اجتهاداتِ البعضِ أو أهوائِهِم أو تَنَكُّبِهِم عن جَادةِ الطريق، والإسلامُ حُجَةٌ على أتباعِه، وليس أتباعُ الإسلامِ حُجَةً على اللهِ ورسولِه وشرعِه، مشيرا إلى أنه لو أن النبي عليه الصلاة والتسليم مُكلَّفٌ بهداية الناسِ لاختلفت المعايير، ولكنه مكلَّفٌ بالبلاغ والإعلام والإخبار عن الحق تبارك وتعالى، والآية في ذلك واضحة (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ).
وقال:إنَّ الدعوةَ والبلاغَ عنِ اللهِ دَيْدَنُ الأنبياء؛ فَهُمُ (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا)، وقد دعا النبي مثلما فعل إخوانه من أنبياء الله ورُسلِهِ إلى الله بحكمةٍ ورحمة، مشددا على أنه يجب على من يسلُك طريقَ الدعوة أن يقتفي أثرَ سيدِ الخلقِ وحبيبِ الحق (قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِ).
واختتم حديثه بقوله « ولو عَلِمَ الناس عن النبي بشكلٍ صحيحٍ لأدركوا أنهم أمام نموذجٍ لا نظيرَ له بين البشر، ولأحبوه واحترموا منهجه وسلكوا طريقَه، ولو أن أتباعَه اهتدوا بسُنَتِهِ لقدموا نماذج عملية لهَدْيهِ الشريف.
و يشار إلى أن البرنامج الذي ه يعده الأستاذ محمد الشبراوي، ويقدمه الإعلامي سالم الجحوشي يهدف إلى إحياء سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، واستلهام الدروس والعبر من أخلاقه.