بحضور سعادة الشيخ عبدالرحمن بن حمد آل ثاني وزير الثقافة، أكد سعادة الدكتور حمد بن عبدالعزيز الــكــواري وزيــر الــدولــة، رئـيـس مكتبة قـطـر الـوطـنـيـة، أن الأمـن الثقافي رهـان وطني، وذلـك خـلال مشاركته فــي نـــدوة «الأمـــن الــثــقــافــي.. مـسـتـقـبـل ومـسـؤولـيـة» الــتــي احـتـضـنـهـا المــســرح الـرئـيـس بـمـركـز المــعــارض والمــؤتــمــرات، وحـضـرهـا لـفـيـف مـن الـكـتـاب والمثقفين والإعـلامـيـين، وشـارك فيها د. مـروان قـبـلان، والكاتب والصحفي ياسر أبو هلالة، وأدارها الإعلامي والكاتب جاسم سلمان. وأكـد الدكتور حمد الـكـواري أن اللغة العربية ليست مجرد وسيلة، بل محدد لوجود هذه الأمـة بماضيها وتراثها وعلومها وآدابـهـا وثقافتها وتواصل أجيالها، وهي وعاء حضارتنا ولغة كتابها القرآن المقدس وسيرة وحديث نبيها الكريم. وأوضــح أن مصطلح «الأمــن الـثـقـافـي» ظـهـر نتيجة استشعار الخطر الداهم الذي تواجهه الثقافة المحلية أمام ثقافة العولمة الغربية التي تتصف بالرأسمالية وبالحياة الاستهلاكية. وأفـــاد ســعــادتــه بــأن المـــادة الأولـــى مــن الــبــاب الأول للدستور الـقـطـري تؤكد على ذلـك الـربـط المحكم بـين اللغة العربية والـهـويـة الوطنية فـي دولـة قـطـر، فقد نصت المـادة على أن «قطر دولـة عربية مستقلة ذات سيادة. دينها الإســلام، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي لتشريعاتها ونظامها ديمقراطي ولغتها الرسمية هـي الـلـغـة الـعـربـيـة. وشـعـب قـطـر مـن الأمــة الـعـربـيـة». مبديًا ملاحظته حـول حـضـور مـفـردة «الـعـربـيـة» في ثلاثة سياقات، أولها يخص «هوية الدولة»، وثانيها «اللغة الرسمية» وثالثها «الانـتـمـاء للأمة العربية»، ويفيد ذلـك حـرص دولـة قطر على التمسك بالعربية باعتبارها ركيزة الهوية في المجتمع القطري، معربًا عن بالغ سعادته حين جعل مجلس الشورى الموقر من اللغة العربية والمحافظة عليها من أولى بنوده. مؤكدًا أنه من الضروري اليوم السعي إلى تنفيذ قانون (7 ( لعام 2019 المتعلق بحماية اللغة العربية.
عوامل أساسية:
مـن جانبه أكـد د. مــروان قـبـلان أن الـعـواصـم العربية الـتـقـلـيـديـة تــراجــعــت أدوارهـــــا ومـعـظـمـهـا مـشـغـول بمشاكله السياسية، لكن قطر تحمل الـرايـة بعد أن سقطت من هذه العواصم. مشيرًا إلى أن الوزن الثقافي والإعـلامـي لدولة قطر كبير جـدًا من خـلال ما تنتجه من ثقافة. وتناول د. قبلان مصطلح الأمـن الثقافي من الناحية الإجـرائـيـة، مـنـوهـًا إلــى أن هــذا المــوضــوع يـحـيـل إلـى بعض التناقض بين المفردتين: الأمن / الثقافية. حيث الأخيرة تشير إلى السعة في حين أن الأمن يشير إلى التقوقع. وقـال إن الثقافة التي تـحـاول أن تبحث عن أمنها هي ثقافة تبحث عن عزلة خاصة عندما تشعر أن ثقافات أخرى تحاول أن تهيمن على ثقافتها. تناول المصطلح من الناحية الإجرائية. كيفية تحقيق الأمن الثقافي. وبـين الـفـرق بـين الثقافة والـحـضـارة، مشيرًا إلــى أن عـوامـل ثـلاثـة دفـعـت إلــى اسـتـخـدام مصطلح الأمـــن الـثـقـافـي، هــي: الــعــولمــة، وتــطــور تـكـنـولـوجـيـا الاتصال، وانهيار الاتحاد السوفييتي ونهاية الحرب الـبـاردة. كما أشـار إلـى نظريتين أساسيتين يحيلان إلــى المــؤشــرات الأولــى لـظـهـور مـفـهـوم الأمــن الثقافي وهـمـا نـظـريـة نـهـايـة الــتــاريــخ، وصـــدام الـحـضـارات. وأضاف: نـحن في العالم العربي لدينا هاجس مرتبط دائــمـًـا بـثـقـافـتـنـا الـعـربـيـة الإسـلامـيـة والـخـطـر الــذي تواجهه من الثقافات الغربية. مؤكدًا أن الأمن الثقافي يتحقق بتنمية الاعـتـزاز بثقافتنا العربية وتحقيق ذاتـنـا الـعـربـيـة الإسـلامـيـة مـن خــلال تـطـويـر الإنـتـاج الثقافي والمـحـتـوى الإعـلامـي بشكل قـابـل للتسويق، والانفتاح على الآخر.
غزو ثقافي:
أما الكاتب والصحفي ياسر أبو هلالة فذهب إلى أن العرب غير آمنين ثقافيًا بسبب أن اللغة قلعة منهارة. وقال: هناك أجيال عربية فقدت ذاتها، هناك جيل كامل منقطع الصلة بأمته وحضارته بسبب انقطاعه عن لغته العربية. وأشــار أبــو هـلالـة إلــى أن المـشـكـلـة كـامـنـة فـي الإعــلام الإخــبــاري أو الـتـرفـيـهـي الــذي يـشـهـد هيمنة ثقافية خارجية، وغياب إنتاج ثقافي كاف من العالم العربي. كما نوه إلى أن الحضور العربي في شبكة الإنترنت لا يتناسب مع حجم العرب الحقيقي. وأضـاف: هناك مشكلة كـبـيـرة تــزداد تـفـاقـمًـا والـحـل هـو بـنـاء هوية ثقافية أساسها اللغة، بدءًا من الأسرة، مؤكدًا ضرورة وجود مادة ثقافية في كل أسرة. كما تناول أبو هلالة ضرورة أن يعترف العرب بأن هذا العالم لا يمكن وضـع حـدود فيه، وأن الـغـزو الثقافي أصبح حقيقة قائمة، وأن مواجهته تحتاج إلـى بناء هوية ثقافية. وتابع: نـحن مساهمون في هـذا العالم لكن الانقطاع الحضاري لابد أن يوصل، وأن يكون لنا حضورنا في العالم، لافتًا إلى أن الأمن الثقافي يتحقق عندما يكون الفرد مساهمًا ومنتجًا وليس مستهلكًا فقط.