في إطار حرصه على تعزيز روح المسرح داخل المجتمع، وخلق شعبية المسرح في الفضاءات والساحات العامة، ابتكر فضاء الدمى بمركز شؤون المسرح التابع لوزارة الثقافة والرياضة “عربة الزمن”، وهو مشروع مسرحي جديد يذكرنا بـ “عربة تُسبيس” في المسرح الإغريقي، ومسرح العربات في عصر النهضة، وهو شكل مسرحي تطور عبر الزمن، ويسمح بالاتصال الحقيقي بين الممثل والجمهور بعيدا عن جدران العلبة المسرحية.
ومن المؤمل أن تقدم “عربة الزمن” عروضاً مسرحية للأطفال في الفترة القادمة، بعد أخذ الموافقة من الجهات المختصة في ظل تواصل إجراءات السلامة التي فرضتها الدولة للحد من انتشار فيروس كورونا.
ومن خلال شكلها الغريب وألوانها المبهرة ورسوماتها التي تحيل إلى الساعة بعقاربها وحركتها، ومن خلال الستارة الحمراء والدمى والممثلين بمهاراتهم المختلفة ستجول عربة الزمن بين الفضاءات والساحات العامة للالتقاء بأكبر عدد من الجمهور، وقد تم تصنيع العربة في قطر، وقام فريق خاص بفضاء الدمى بتلوينها وتصميمها بالتعاون مع ممثلين من أوروبا وتركيا.
لمزيد من تسليط الضوء على هذا المشروع الجديد على مستوى منطقة الخليج، انتقلت (الشرق) إلى مسرح قطر الوطني، ورصدت أجواء التحضيرات التي يشرف عليها الفنان صلاح الملا مدير مركز شؤون المسرح، بحضور فريق من منصة “دوحة 360” لتصوير البرومو الخاص بعروض “عربة الزمن”. وقد أعرب صلاح الملا في تصريحات خاصة لـ (الشرق) عن سعادته بتحقق المشروع الذي بدأ فكرة وأصبح واقعا. مشيرا إلى أن “عربة الزمن” تجول العالم مع مجموعة من الأشخاص من عدة دول للوصول إلى قطر وحضور كأس العالم قطر 2022.
وقال الملا: ستقدم عربة الزمن مجموعة من العروض المسرحية من ضمنها ثلاثة عروض لشخصيات أثّرت في البشرية وهي: عباس بن فرناس المخترع الأندلسي، وأول من حاول الطيران في التاريخ، وتوماس أديسون مخترع المصباح الأمريكي، وشخصيات أخرى، والهدف من اختيار هذه الشخصيات وغيرها تعريف الأطفال والجمهور العام بها، ومساعدتهم على اكتشاف الظروف التي أحاطت بحياتهم، ودفعتهم كي يبتكروا ويخترعوا ويقدموا إنجازات أفادت الإنسانية، ومن خلال هذه المسرحيات نهدف إلى غرس حب العلم والمعرفة والتفكير والعمل في الأطفال، وألا نبقى مجرد مستهلكين.
ولفت الملا إلى أن العروض المسرحية من إنتاج فضاء الدمى تأليفا وإخراجا وتصميما، مشيرا إلى أن هناك مشاركات خارجية في تصنيع بعض الدمى سوف تصل خلال الأسبوع القادم، بالإضافة إلى بعض الملابس، وتابع قوله: تعاملنا مع فنانين من تركيا وأوروبا في ما يتعلق بالموسيقى التصويرية والملابس وتصميم وتصنيع بعض الدمى والإكسسوارات. والفريق جاهز لتقديم المسرحيات الثلاث، يعقبها عدة قصص سيتم تحويلها إلى مشاهد مسرحية مدتها ربع ساعة من خلال عربة الزمن التي لن تتوقف عروضها عند هذه الفترة فحسب، بل ستتنقل بين جميع مولات قطر، ونأمل أن يزول الوباء ونواصل عروضنا في المدارس والحدائق العامة من خلال برنامج يبدأ من الآن للوصول إلى الاحتفالات باليوم الوطني.
ورشة مفتوحة
أشار صلاح الملا إلى أن “عربة الزمن” عبارة عن ورشة مفتوحة للأفكار الجديدة التي تناسب هذا المشروع، مؤكدا أن العربة سيضعها مركز شؤون المسرح تحت تصرف الفرق المسرحية، وقد تم التحدث معهم بمتابعة الأعمال المسرحية والاستفادة من هذه التجربة، والإضافة إليها لنشر الثقافة المسرحية في المجتمع.
وقال إن العربة تتنقل من مكان الى آخر، وتسير في الشوارع والطرقات، لافتا إلى أنها صممت بطريقة تسمح لها بأن تصل إلى عدة أماكن، معربا عن أمله في أن تبدأ العروض في نهاية الشهر الجاري، بعد الحصول على الموافقات من الجهات المختصة.
وأفاد الملا بأن فضاء الدمى يحضر لعمل تلفزيوني للأطفال مع كوكبة من الكتاب، مؤكدا أن المشروع ما زال في طور الكتابة، وأن هناك أكثر من مشروع مسرحي في مجال الدمى لتنفيذها في العام القادم، تمهيدا للعروض التي ستكون مصاحبة لكأس العالم 2022. وأضاف قائلا: مستمرون في تقديم الورش الفنية، وهناك ورشة قادمة مع أحد المختصين من أمريكا ستكون على مستوى المحترفين، وفي نفس الوقت سوف نفتح المجال لمن لديه الرغبة والمعرفة بمسرح الدمى ليشاركنا في الورش القادمة.
احتكاك فني
نوه الفنان صلاح الملا بالمشاركة الناجحة التي سجلها فضاء الدمى في مهرجان أزمير الدولي لمسرح الدمى في شهر مارس الماضي، مؤكدا أن المشاركة سمحت لهم بالاحتكاك بخبرات تركية في مجال مسرح الدمى، والاستفادة من تجاربهم في هذا المجال.
وقدم مركز شؤون المسرح خلال جائحة كورونا أعمالا توعوية بطريقة الفيديو، كانت من بينها أعمال خاصة بمسرح الدمى، وأخرى للكبار، ورسم الفرحة على وجوه الأطفال في ليلة القرنقعوه، إلى جانب مشاركته في العديد من الفعاليات متقيداً بإجراءات السلامة.