انطلقت مبادرة (اقرأني فإني هذا الكتاب) ضمن خطة مشروع تعزيز النقد التي يتبناها الملتقى القطري للمؤلفين، وذلك خلال أولى لقاءات الملتقى خلال شهر رمضان التي يقدمها عن بعد عبر برنامج ميكروسوفت تيمز.

وتحدث الدكتور عبد الحق بلعابد أستاذ النقد ومناهج الدراسات النقدية المقارنة بجامعة قطر في أول اللقاءات الرمضانية للملتقى موضحا أن مبادرة (اقرأني فإني هذا الكتاب) تسعى إلى نشر ثقافة النقد بين الكتاب والأدباء، وتمكين القارئ من وضع خطة استراتيجية لاختيار الكتب وقراءتها على ضوء آليات نقدية واضحة تمكنه من التمييز بين النصوص، وتحديد جماليتها الفنية والسردية.

وأوضح أن المبادرة تهدف إلى تعزيز ثقافة القراءة في ظل الحجر المنزلي، فلا نكتفي بقراءة النصوص الأدبية، ولكن معرفة كيفية تغيير عاداتنا في قراءتها ونقدها، ولهذا سوف تعقد سلسلة من الجلسات على مدى شهري شهر أبريل ومايو، ويشارك فيها نقاد متخصصون من الوطن العربي وخارجه لتحليل نصوص أدبية وسردية قطرية خاصة، وعربية عامة، لمعرفة كيف يتلقى الناقد العربي ويحلل ما ينتجه المؤلف القطري من نصوص إبداعية.

وأشار إلى أن المبادرة حملت شعار اقرأني فإني هذا الكتاب…فسلامتك أن تقرأني في بيتك، وسلامتي استمتع بنقدك من بيتي. مؤكدا أن النقد نحيا به ويحيا بنا، فالنص الأدبي يحيا به قراءة، والقارئ المتلقي يحيا به فهما وإفهاما.

وتناول الناقد والأكاديمي الدكتور عبدالحق بلعابد في محاضرته مفهوم النقد الأدبي الذي يعد قراءة منهجية وعلمية للنص الأدبي، وأنه يكشف عن مواطن الجمال أو القبح في الأعمال الأدبية، موضحا أن هناك ثلاثة مستويات للنقد هي: النقد الأكاديمي ويشمل الاطروحات والدراسات العلمية، والنقد الأدبي المحترف ويقدمه ناقد خبير في كتابات معمقة تنشر في دوريات متخصصة أو مجلات ثقافية كبرى، فيما يختص المستوى الثالث بالنقد في الصحف الذي ينبني على الانطباع والتحليل السريع للنص.

وأضاف أن النقد بتحديد مفاهيمه المتعددة يتم عبر ضبط مراحله النقدية والمعرفية المتعددة، وتحديد آلياته التحليلية على اختلاف مرجعياتها المعرفية، التي تساعد المبدع في كتابه نصه من جهة، والقارئ في فهمه من جهة أخرى، وهذا من خلال نقاط ثلاث رئيسية هي: النقد الخارجي للنص الأدبي، ويبحث عن الحكم القيمي ومن كتب النص، ويشمل هذا النوع النقد من منظور تاريخي واجتماعي، والنقد الذي يعتمد على الاتجاهات النفسية للكاتب، أما النقد الداخلي للنص الأدبي فيبحث في الوصف التجريبي وكيف كتب النص، وفيه يظهر أهم المدارس أو الأساليب التي ينطلق منها الناقد مثل الشكلانية، البنيوية، السيميائية، التفكيكية.. وغيرها، ثم تأتي النقطة الثالثة وهي نقد التلقي للنص الأدبي ويبحث فيها عن السؤال متى وكيف أقرأ النص؟، وفيها يظهر مستويات القراءة للعمل الأدبي.

وتناول بالتفصيل تاريخ وتطور المدارس النقدية التي انطلقت منذ عشرينيات القرن الماضي موضحا أهم المدارس النقدية الغربية وخصائصها، مؤكدا أن النقد هو عمل ابداعي يعمل على إحياء النص، مؤكدا أن القراءة تكون للنص في الأساس وليست للكاتب.

وأوضح الناقد والأكاديمي الدكتور عبدالحق بلعابد أن مكونات تحليل النص الادبي ترتكز على ثلاث محاور الأول القراءة الشكلية التي تعرف بالقراءة التي تحلل النص من مداخلة الأولية أي من عتباته المرئية، وعناصرها التكوينية منها اسم صاحب النص، وعنوان النص، ودار النشر سنة النشر وطبعة النص وتلخيص النص، والرسوم المصاحبة للغلاف وغير ذلك ، أما المحور الثاني والقراءة الداخلية فيتعلق بتحليل البنيات أو العناصر الداخلية للنص الأدبي بقصد فهمه وتفهيمه وعناصرها التكوينية مثل بنية الزمن في النص الأدبي، بنية المكان في النص الأدبي وبنية الشخصية في النص الأدبي ،ويدور المحور الثالث القراءة الخارجية وهي تلك القراءة التي تحلل النص بالاستعانة بالظروف الخارجية سواء أكانت اجتماعية أو تاريخية أو نفسية للكاتب تتفاعل فيها مع النص الأدبي، وعناصرها التكوينية التي هي القراءة البيبليوغرافية (ترجمة الكاتب)،والقراءة التاريخية والاجتماعية للكتاب مع ربطها بالنص الأدبي، والقراءة التناصية (المراجع والمصادر) للكاتب وربطها بالنص الأدبي والذي يساهم في بلورة النص وتحليله بطريقة علمية، مما يساعد على ايجاد جوهر النص وجماليته .

جدير بالذكر أن مبادرة اقرأني فإني هذا الكتاب سوف يشارك بها من ضيوف الملتقى القطري للمؤلفين هذا الشهر دكتور اليامين بن تومي من جامعة الجزائر ودكتورعلي نسر من جامعة لبنان ودكتور لعيد جلولي. حيث سيقدمون نماذج نقدية على أعمال إبداعية قطرية وعربية.

ويواصل الملتقى القطري للمؤلفين أنشطته الثقافية باعتباره هيئة ثقافية تتبع لوزارة الثقافة والرياضة تعنى بالاهتمام بالمؤلفين، ويهدف الملتقى إلى الاهتمام بالمؤلفين وبخاصة في الارتقاء بالمستوى الثقافي للمؤلفين وفق قرار وزير الثقافة والرياضة رقم (91) لسنة 2018 بتأسيس الملتقى القطري للمؤلفين واعتماد عقد تأسيسه ونظامه الأساسي.