يواصل الملتقى القطري للمؤلفين برنامج فعالياته لشهر رمضان الفضيل، ببث حلقة جديدة من مبادرة” اخترت لكم من مكتبتي” التي تقدمها الإعلامية والكاتبة حصة السويدي كل أربعاء عبر بث مباشر على قناة الملتقى باليوتيوب.
وأشارت   الأستاذة حصة السويدي إلى أن الجزء الأول من كتاب” الذكاء العاطفي” لدانيال جولمان، يتحدث  عن العقل العاطفي و يستفيض في الكثير من القصص التي تبين سطوة المشاعر على العقل المفكر و يستعرض هذه الحرب الدائمة بين العقل و العاطفة و كيف يمكننا التنسيق بين المشاعر و الفكر، منوهة إلى الدور الذي تلعبه  العواطف في اتخاذ القرار من خلال التنسيق بين المشاعر و الفكر  ، حيث في ظل  هذه  العلاقة الثنائية بين  الفكر و العاطفة تقودنا  القدرات العاطفية لاتخاذ القرارات التي تفرضها  اللحظة بالتضافر مع التفكير المنطقي العقلاني مما يجعلنا نقدم أو نحجم عن الفكرة ذاتها. ونفس الطريقة يلعب العقل المفكر دورا تنفيذيا في عواطفنا – باستثناء طبعا تلك اللحظات التي تتفجر فيها العواطف خارج نطاق السيطرة ويتعثر فيها العقل العاطفي.
وابرزت المتحدثة أن دانيال جولمان يرى أن الذكاء الأكاديمي له علاقة محدودة مع النجاح، فقد يفشل الشخص اللامع ذو الذكاء، ويخفق في حياته، نتيجة عدم سيطرته على عواطفه، حيث إن الغالبية العظمى من الحاصلين على مراكز متميزة في المجتمع، لم يُحدِد عامل الذكاء تميزهم هذا، بل عوامل أخرى كثيرة. وهي قدرات الذكاء العاطفي، مثل القدرة على حث النفس على الاستمرار في مواجهة الاحباطات، والتحكم في النزوات، وتأجيل الإحساس بإشباع النفس وإرضائها، والقدرة على تنظيم الحالة النفسية، ومنع الأسى أو الألم من شل القدرة على التفكير، والقدرة على التعاطف والشعور بالأمل. لذلك يؤكد الكاتب بأن تنمية هذه القدرات في مرحلة الطفولة هي التي تشكل الاختلاف الكبير بين شخص وآخر.
وفي هذا الصدد تشير السويدي إلى أن المفكر أورد بحثا استعرض الذين يتمتعون بحاصل ذكاء مرتفع مقابل الأشخاص الذين يمتلكون قدرات او استعدادات عاطفية قوية
من الرجال والنساء فأثبت في هذا البحث أن الرجال ذوو الذكاء العاطفي المرتفع، متوازنون اجتماعيا، صرحاء ومرحون، ولا يميلون الى الاستغراق في القلق. يتمتعون بقدرة ملحوظة على الالتزام بالقضايا، وبعلاقاتهم بالآخرين وتحمل المسؤولية، وتتسم حياتهم العاطفية بالثراء، فهي حياة مناسبة، لافتا إلى أن النساء الذكيات عاطفيا يتصفن بالحسم والتعبير عن مشاعرهن بصورة مباشرة ويثقن في مشاعرهن. الحياة بالنسبة لهن معنى. هن أيضا مثل الرجال، اجتماعيات غير متحفظات، بل أكثر من ذلك فقد يندمن بعد ثوراتهن الانفعالية على صراحتهن. كما أنهن يستطعن التكيف مع الضغوط النفسية، ومن السهل توازنهن الاجتماعي وتكوين علاقات جديدة. وعندما يمزحن ويهرجن يشعرن بالراحة، فهن تلقائيات، ومتفتحات على الخبرة الحسية، وإلى خلاف النساء ذوات معامل الذكاء المرتفع، من النادر أن يشعرن بالذنب أو القلق.وأوردت السويدي بعض الفنون الاجتماعية في التعامل مع عواطف الآخرين أو ما يعرف بفن إدارة العلاقات بين البشر، والذي يتطلب نضج مهارتين عاطفيتين هما: التحكم في النفس وهي
المهارات الاجتماعية التي تجعل التعامل مع الآخرين فعالا. موضحة أن العجز عن امتلاك هذه الكفاءات يؤدي إلى فشل أو عجز في الحياة الاجتماعية، أو تكرار النكبات التي تحدث بين الناس. هذا القدرات التي يتمتع بها الإنسان هي التي تجعله قادرا على مواجهة الآخرين وتحريك أيضا المواضيع التي تجمعه بهم، وتقوده إلى إقامة العلاقات الناجحة، وعلى إقناع الآخرين والتأثير فيهم وجعلهم راضين عن تصرفاتهم، كما أن إحدى الكفاءات تتمثل في الكيفية التي يعبر بها الناس عن مشاعرهم ومدى نجاحهم أو فشلهم في التعبير عن هذه المشاعر.
فالانفعالات تنتقل سريعا بالعدوى، وبقدر ما نكون حاذقين اجتماعيا تكون قدرتنا أفضل فيما نرسله من إشارات عاطفية،
فالذكاء العاطفي يشمل إدارة هذا التبادل للإشارات، وتعبير” هذا الإنسان محبوب وجذاب” نستخدمه حين نصف أشخاصا نحب صحبتهم لأن مهارتهم العاطفية تجعلنا نشعر أننا بخير.
وعرضت حصة السويدي مجموعة من الأساليب التي يصفها المفكر بأسخف الأساليب العاطفية الأبوية الشائعة وهي:
– تجاهل المشاعر تماما: هؤلاء الآباء ينظرون إلى قلق الطفل العاطفي على أنه تافه و ممل، يجب أن ينتظروا حتى ينتهي من تلقاء نفسه. هؤلاء الآباء يفشلون في استغلال لحظات الطفل العاطفية كفرصة يتقربون فيها من الطفل أكثر، أو لكي يساعدوه على تعلم الكفاءة العاطفية.– أسلوب دعه وشأنه: هؤلاء الآباء يلاحظون مشاعر الطفل، ويعتبرون أي عاصفة انفعالية للطفل، مهما كانت شيئا لطيفا، حتى لو كانت مزعجة. هؤلاء الآباء من النادر أن يظهروا لأبنائهم استجابة عاطفية مختلفة، ويتبعون معهم أسلوب المساومة، ويقدمون لهم المغريات كرشوة ليساعدوهم على التخلص من حزنهم وغضبهم.

– أسلوب احتقار مشاعر الطفل وعدم احترامها.

– وأخيرا هناك آباء ينتهزون توتر الطفل واضطرابه ليتصرفوا معه بالشكل الذي يشعره بأنهم سنده العاطفي ويساعدون الطفل بأساليب إيجابية تخفف من مشاعره المتوترة.

َوأضافت المتحدثة أنه بالرغم من اهتمام بعض القائمين على التعليم بالمعرفة العاطفية إلا أن الدورات الخاصة بهذا الغرض تظل نادرة وذلك لأن معظم المدرسين والمديرين والآباء يجهلون ببساطة وجودها في الأساس ولعل أفضل نماذج هذا التعليم هي المتوافرة خارج الإطار التعليمي التقليدي أي في تلك المدارس الخاصة والمدارس القليلة العامة،
وخلصت السويدي إلى أن أي برنامج لن يعمل على حل كل المشاكل ولكننا إن وضعنا في الاعتبار الأزمات التي نواجهها نحن وأبناؤنا ومقدار الأمل الذي تحمله لنا دورات المعرفة العاطفية فيجب ان نطرح على أنفسنا السؤال التالي: ألا يجب أن ندّرس هذه المهارات الأساسية للحياة لكل طفل، والان أكثر من أي وقت مضى؟ وإن لم يكن الان فمتى؟!!
ويواصل الملتقى القطري للمؤلفين أنشطته الثقافية باعتباره هيئة ثقافية تتبع لوزارة الثقافة والرياضة تعنى بالاهتمام بالمؤلفين، ويهدف الملتقى إلى الاهتمام بالمؤلفين وبخاصة في الارتقاء بالمستوى الثقافي للمؤلفين وفق قرار وزير الثقافة والرياضة رقم (91) لسنة 2018 بتأسيس الملتقى القطري للمؤلفين واعتماد عقد تأسيسه ونظامه الأساسي.