سلّط الملتقى القطري للمؤلفين ضمن جلسةٍ جديدةٍ من جلسات الاحتفال باللغة العربية بعنوان “مبادرات رائدة في خدمة اللغة العربية” على دور معجم الدوحة التاريخي للغة العربية في التواصل الحضاري والحفاظ على هذه اللغة، وذلك من خلال استضافته للدكتور عز الدين البوشيخي المدير التنفيذي للمعجم.
وقدم الدكتور البوشيخي خلال الجلسة التي تم بثها عبر القناة الرسمية للملتقى على اليوتيوب نبذةً عن معجم الدوحة التاريخي من حيث الرؤية والأهداف قائلاً “إن التسمية لا تقتصر على وصف المشروع بكونه معجمًا لأنه يختلف عن بقية المعاجم من حيث الحجم والمضمون والأهداف، وما يمكن أن يحققه من نهضةٍ للغة العربية، ما يمكّن الباحثين والمختصين من أن يستمدوا منه المعطيات التي تفيدهم في أبحاثهم في الحقول المعرفية كافة”.
وأكد أن معجم الدوحة يخضع لضوابط الصناعة المعجمية كون المعجم جاء ليسد النقص الذي يعاني منه العالم العربي في المعاجم المعاصرة التي لم تعد تفي بحاجة الباحثين والطلبة والمثقفين والمهتمين بشتى مناحي المعرفة والثقافة، كما يقدم المعجم مادةً لغويةً كبيرةً تسع عدة عصور استعملت فيها اللغة في حقولٍ مختلفةٍ دون قيودٍ وحواجز معيارية أقامها صناع المعاجم عبر التاريخ.
وأضاف أن المعجم يشتمل على قدرٍ هائلٍ من مفردات اللغة العربية المستعملة في مختلف المجالات وكافة العصور، كما أن كل معلومة داخل المعجم تُقَدم في صيغة مدخل معجمي له بنية واحدة بمعلوماتٍ متسقة، ومترابطة فيما بينها، وهو ما يجعل هذا المشروع فريدًا من نوعه سواءً من حيث المداخل المعجمية أو بنيته، أو من حيث المراجع المسجلة والموثقة.
وأكد المدير التنفيذي للمعجم أن هذا المشروع تاريخي بمعنى أنه يتتبع كلمات اللغة العربية في سياقاتها الاستعمالية في نسقها الثقافي المرتبط بالزمن وهذا التتبع للمسار التاريخي للكلمة يجعل المعجم يرقى لمصاف المعاجم العالمية، فقد جمع جميع ألفاظ اللغة العربية ورتبها على خط الزمن من حيث المبنى والمعنى، وبذلك أصبح المعجم الأول الذي يرصد ألفاظ اللغة العربية رصدًا بنيويًا ودلاليًا، كما أن المعجم يقوم على ثلاثة مستويات: المستوى الأول، وهو رصد اللغة العربية في وضعها المغلق، والمستوى الثاني في تفاعلها مع العالم الخارجي واللغات الأخرى، أما المستوى الثالث فهو رصد اللغة التي دخلت على العربية واحتضنتها لتصبح جزءًا منها، وهو ما يجعل المعجم يُكوّن نظرة موسعة عن نشأة لغة الضاد، وتفاعلها مع محيطها عبر التاريخ.
وحول مراحل إنجاز المشروع قال الدكتور البوشيخي إن المرحلة الأولى بدأت بأول نصٍ عربي موثّق إلى نهاية القرن الأول، وقد أنجِزَت هذه المرحلة وأنشئت لها بوابةٌ إلكترونية لعرضها، وتم اتباع منهجية واضحة تقوم على تحديد مصادر النصوص، وتم وضع المفردات في مداخلها المعجمية، وعند الانتهاء من إعداد /البيبليوغرافيا/ تم الانتقال إلى المرحلة الثانية الممتدة من مئتين إلى خمسمئة للهجرة، ومازال العمل على هذه المرحلة متواصلًا، ويتوقع أن يتم الانتهاء منها في نهاية العام الجاري، وبذلك يكون المعجم قد قام بتغطية عشرة قرون من اللغة العربية من خمسمئة قبل الهجرة إلى خمسمئة للهجرة، وأيضًا في هذه المرحلة تم إعداد /بيبليوغرافيا/ لكنها مبنية على الانتقاء نظرًا لكثرة المصادر، وصعوبة الإحاطة بها جميعًا، وتم أيضًا إعداد مدونة لغوية، وتم بناء مداخل معجمية للألفاظ الموجودة في النصوص.
وفي ختام الجلسة تطرق المدير التنفيذي للمعجم إلى برامج المعجم المستقبلية ، فأشار إلى أن المعجم يرنو إلى إظهار ما عنده من مشاريعٍ مهمة ، حيث ينتظر إكمال المرحلة الثانية للانطلاق في هذه المشاريع، ومن بينها مشروع ربط المعجم بالكتب التعليمية ليتمكن الطالب من النقر على الكلمة داخل النص فتحيله مباشرةً على المعجم، والربط بمفردات القرآن الكريم في /مصحف قطر/ والمعجم ، حيث يمكن التعرف على سياقات واستعمالات ودلالات مفردة من مفردات القرآن الكريم قبل الإسلام.