قال سعادة الشيخ عبد الرحمن بن حمد آل ثاني وزير الثقافة، إن الثقافة تعد محركًا أساسيًا للنهوض والتنمية في المجتمعات، بل هي صمام أمان للأمن الوطني لأي مجتمع، وهي جزءٌ أساسيٌ في لبنات جسر الحوار بين الشعوب. وأضاف سعادته خلال مشاركته أمس في المشاورات الإقليمية للمنطقة العربية التي عقدت عبر تقنية الاتصال المرئي بحضور مجموعة من أصحاب السعادة الوزراء ضمن التحضيرات لمؤتمر موندياكولت الذي سيقام في المكسيك خلال سبتمبر القادم: لقد أدى التطور التقني والثورات الرقمية إلى تقليص المسافات بين الجميع، في زمن أصبح فيه العالم عبارة عن قرية كونية، وأضحى التنقل بين البلدان أيسر من ذي قبل، وكذلك شأن انتقال الثقافات والمعلومات والسلع المادية والثقافية، فقد أصبحت الشعوب تتبادل اليوم المعارف بسهولة وبسرعة قياسًا بما كانت تعيشه في السابق مما ساهم في إحداث التقارب فيما بينها وزاد في قدرتها على تبادل التجارب والثقافات. وأوضح سعادة وزير الثقافة أن هذه الفضائل الكثيرة التي وفرها التطور التقني طرحت تحديات ثقافية جديدة، ففي بعض جوانب هذا التقدم المتسارع للرقمنة تسربت بعض الأفكار الهدامة التي من شأنها تهديد هوية كل مجتمع، والمس بذلك التنوع الخلاق الذي تغتني به ثقافات الشعوب. وبقدر ما تسعى المجتمعات إلى تحصيل ثمرات التقدم الرقمي فإنها مطالبة أيضًا بحماية الخصوصيات الثقافية التي تجعلها معتزة بقيمها ومتشبثة بثقافتها. وشدد سعادته على أنه أصبح من الضروري بناء حصانة ثقافية خدمة للإنسانية، فالتعايش الإنساني في ظل هذه الثورات الرقمية لا يعني استسلامًا لكل ما ينتجه نظام العولمة، بل إن خطاب التنوع الثقافي مشروط باحترام هوية كل مجتمع، وينبغي أن يكتسب كل مجتمع الثقافة التي يقدر بواسطتها على حماية نفسه وتقديم الإضافة الحضارية في وقت واحد من خلال التوظيف الأمثل لوسائل التقدم الرقمي، وذلك لن يتحقق إلا بفضل نشر الوعي بهذه التحديات الجديدة من خلال البرامج والمبادرات الثقافية. وختم سعادة الشيخ عبدالرحمن بن حمد كلمته قائلًا: إننا نعيش الآن في مفترق حضاري، يدعونا إلى بذل الجهد وتسخير جميع الطاقات من أجل الاستفادة من إبداع الفكر البشري ومواجهة انحرافات الأفكار التي تطرق أبوابنا دون استئذان وتخليص الثورات الرقمية من الآثار السلبية على هويتنا ومجتمعنا. لهذا فلنعمل معًا على تحقيق هذه الغاية الشريفة التي تؤمن بها الضمائر الحية وتسعى إليها كل الشعوب التي تتمسك بهويتها لتساهم في بناء الحضارة الإنسانية “. وقد تم خلال المشاورات مناقشة مبادرات السياسة الثقافية الوطنية والإقليمية والدولية من خلال عدة جلسات ركزت على مجالات محددة ومركزية لسياسات القطاع الثقافي في الدول العربية. وسيتم خلال المؤتمر، المقرر عقده خلال الفترة من 28 حتى 30 من سبتمبر القادم، مناقشة مجموعة من المحاور الرئيسية وأهمها، جائحة COVID-19، والتحولات التكنولوجية والاتصالات العميقة، وتغير المناخ، والحاجة إلى مواجهة التحديات التي تواجه المجتمعات الثقافية والإبداعية. في سياق متصل شارك السيد حمد لحدان المهندي – مستشار بمكتب سعادة وزير الثقافة – في ملتقى التشاور العربي على مستوى وزراء الثقافة، وتحدث عن قضية تعزيز الاقتصاد الابداعي، منوهًا بأنه مصطلح ترافقت معه مجموعة من المصطلحات الأخرى وهي الصناعات الثقافية، والاستثمار في الثقافة. يذكر أن المؤتمر العالمي للسياسات الثقافية والتنمية المستدامة سيعقد في المكسيك تزامنًا مع الدورة الحادية والأربعين للمؤتمر العام لليونسكو سبتمبر المقبل، بعد موافقة الدول الأعضاء بالإجماع، وسيحضره ممثلون من وزارات الثقافة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والفنانون والخبراء الذين سيحللون حالة السياسات الثقافية لتلبية الاحتياجات العالمية الحالية والتحديات. وقد عقدت أول دورة للمؤتمرالعام 1982 في المكسيك أيضًا، فيما عقدت الدورة الثانية خلال العام 1998 في العاصمة السويدية ستوكهولم