تناولت الندوة التطبيقية التي شهدها مسرح الدراما في الحي الثقافي مساء أمس الأول الجوانب الفنية والجمالية في مسرحية “الغبة” التي قدمتها فرقة قطر المسرحية، ضمن عروض مهرجان الدوحة المسرحي. وشارك في الندوة كل من الدكتورة حنان قصاب مستشارة بمركز شؤون المسرح، والمؤلف طالب الدوس، ومخرج العمل ناصر عبدالرضا، وأدارها الإعلامي محمد الحمادي، بحضور كوكبةٍ من المسرحيين والمهتمين.
وبدأت د. حنان قصاب تحليلها للعمل انطلاقًا من النص الذي أعطاها مفاتيح عالم البحر والصيد والغوص واللؤلؤ، وعلاقة النوخذة بالبحارة، وأعراف السلوك والتصرف، والعقوبات التي تجري على سطح المركب. مشيرةً إلى أن النص سحرها ليس لأنه يتحدث عن عالم البحر، ولكن لأنه مكتوبٌ بشكلٍ متينٍ جدًا من ناحية الحوار والبنية الدرامية، وقالت إن الحوار يخلو من الثرثرة ولا يقول إلا ما هو ضروري، والشخصيات مكتوبة بكثافة (النوخذة مثلاً) وبقية الشخصيات لها دوافعها، وهناك بعض الشخصيات المنمطة لكنها تبتعد عن التسطيح.
وأضافت قولها: من اللحظة الأولى لدينا حالة توترٍ عاليةٍ تضع المتلقي في حالة ترقب، فالحبل يفلت من يد راشد، والغواص كان بالإمكان أن يغرق، وخليفة يقفز في الماء لينقذه، وتتم معاقبة راشد، وهذا يمسك بالمتلقي منذ اللحظة الأولى ويجعله مندمجًا في الحدث. بعدها تبدأ مشاكل راشد الذي يشعر بالغيرة وهنا تندرج الأعراف التي تنظم العمل على سطح السفينة فأرواح الناس أمانة كما يقول النص.
وأكدت الناقدة أن دور “المجدمي” مهمٌ في العمل وهو كاتم الأسرار في المسرحيات الكلاسيكية، وفسرت أهمية هذا الدور في أنه يسمح للمتلقي أن يعلم ماذا سيحدث، وفي نفس الوقت يعدل الكفة بين سلطة النوخذة المسيطر وبين جابر الغاضب وبين راشد الخبيث.
وأشارت إلى أن المونولوج الذي أداه جابر وهو يناجي حبيبته جميل جدًا وأداه بشكلٍ جميل، وهو بمثابة البطل التراجيدي، فيه نبلٌ وأصالة. لافتةً إلى أن السفينة مكانٌ للصراعات التي تندلع وتؤدي في النهاية إلى غرقٍ محتمل، أو موت جابر والنهاية مفتوحة، وغياب راشد يتركنا في حيرة.
تكوين هرمي
وحول العرض قالت د. قصاب: ما لفت نظري هو حالة التكوين الهرمي الذي مثلته السفينة. والتكوين الهرمي في الفن التشكيلي هو الثبات والتوازن والاستقرار، لكن كيف يتحقق ذلك على مركبٍ أو سفينةٍ يفترض أنها تتأرجح وتميل بثقل المشاكل التي كانت فيها.
هذا الثبات كان المعادل الجمالي والشكلاني للعاصفة التي عصفت بالسفينة. وفكرة المثلث الهرمي جميلة جدًا. هو هرم السلطة أيضًا والتي كانت حاضرةً بشكل كبير.
وتابعت: كنت أتمنى لو أن الزمن كان واضحًا في العرض من خلال تغيير الإضاءة. كما أن القمر ظل ثابتًا بما يوحي بأن كل الأحداث حصلت في ليلةٍ واحدة.
من جانبه قال الفنان سعد بورشيد: من خلال هذا الإبداع سواءً على مستوى النص أو الإخراج، عادت بي الذاكرة إلى كل الأعمال التي قدمت على خشبة المسرح، وقد صيغ عرض الليلة في هذا الإطار الجمالي الذي يعكس أدبنا وتراثنا. هذا الإطار الجمالي من خلال أداء الممثلين وعودة قوية للفنان غازي حسين الذي يبدعنا دائمًا بأعماله إلى جانب تميز الفنانين الشباب، الذين قدموا لنا عملاً احترافيًا بفضل مقدرة المخرج ناصر عبدالرضا وخبرته في هذا المجال. إلى جانب تألق النهام عمر بو صقر. ولفت إلى أن العرض لو قدم باللهجة العامية لكان وقعه أعمق.
ووجه مصمم الديكور والسينوغرافي عبدالله دسمال الكواري تحيةً لفريق العمل وللمخرج ناصر عبدالرضا، مضيفًا: العمل الذي شاهدته “اليوم” لا أستطيع أن أسميه سينوغرافيا بل مكان عرضٍ وظفت فيه عناصر تشبه سفينة. هل هذه السفينة خليجية؟ أنا شاهدت مقدمة السفينة، والنوخذة لا يجلس عادة في مقدمة السفينة. الأمر الثاني لم نعرف الوقت هل هو نهارًا أم ليلاً. إلى جانب أن الحركة لم تكن مركزة.
وقال المؤلف طالب الدوس: الملاحظات سآخذها بعين الاعتبار وشكرًا خاصًا للأستاذ ناصر عبدالرضا، وثقته، وإن شاء الله القادم أفضل.
من جانبه قال المخرج ناصر عبدالرضا: أشكر فريق العمل والفنانين الذين شاركوا في العمل بدءًا من الفنان القدير غازي حسين، وتساءل: أين هم الشباب الذين كانوا يطالبون بعودة مهرجان الدوحة المسرحي، وينادون بعودة المهرجان؟ وتوجه بالشكر لوزارة الثقافة ومركز شؤون المسرح على عودة المهرجان.