قدم الملتقى القطري للمؤلفين الحلقة التاسعة من برنامج «أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم»، لتسليط الضوء على سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، واستلهام الدروس والعبر من أخلاق الرسول عليه الصلاة والسلام. ضمن فعاليات الدوحة عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي.
وسلطت الحلقة التاسعة من البرنامج الذي يعده الأستاذ محمد الشبراوي، وقدمها الإعلامي سالم الجحوشي، على موضوع (النبي والرفق بالحيوان) والذي أوضح أن من تكريم الإسلام للإنسان خليفة اللهِ في الأرضِ، جاءتْ محدداتُ تعامُلهِ مع المخلوقاتِ من حولِهِ، في قوله تعالى (وما مِن دابّةٍ فِي الْأرْضِ ولا طائِرٍ يطِيرُ بِجناحيْهِ إِلّا أُممٌ أمْثالُكُم)، أي لهم حقوقٌ كما لكم يا بني آدم وعليكم مراعاتُها؛ وهذا يؤدي إلى حياة كريمة في بيئة يسودها النفعُ العام وتحقيقُ عِمارةِ الأرض.
وأكد أن النبي صلى الله عليه وسلم أسس لتعامل المسلمِ مع البيئة، لا لنفعِ أخيه المسلم في نطاقٍ ضيق، وإنما للنفع العام، فقال النبي «ما مِنْ مسلمٍ يغرسُ غرسًا أو يزرعُ زرعًا؛ فيأكلُ منه طيرٌ أو إنسانٌ أو بهيمةٌ إلا كان له به صدقة، ما يدل على أن إفادتك للخلقِ في عمومِهِ وإطلاقِه عائدةٌ عليك بالخير، والمسلمُ كالغيثِ أينما حلّ نفع، فهو نافعٌ لغيره ومأجورٌ من الله تعالى على ذلك، مُستحسنٌ في شأنه أن يرفع للآخرين شعار (إِنّما نُطْعِمُكُمْ لِوجْهِ اللّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جزاءً ولا شُكُورًا)، وعندها يتحققُ فيه قولُ ربه (فانقلبُوا بِنِعْمةٍ مِّن اللّهِ وفضْلٍ).
وأشار إلى أن هذا الفضلُ مردُه إلى إحسانِهم لأمم خلقها الله وذكرها في كتابه (مّا فرّطْنا فِي الْكِتابِ مِن شيْءٍ)، بل شرّفها ببعض أسماءِ سورِ التنزيلِ العزيز كالبقرةِ والنحلِ والنملِ والفيلِ، والإحسان لتلك المخلوقات له أجرٌ عظيم (وأحْسِنُوا ۛ إِنّ اللّه يُحِبُّ الْمُحْسِنِين).
وشدد الجحوشي على أن الإسلام أسبق إلى حمايةِ حقوقِ الحيوان وعدم الإساءة إليه، بل والنبات، بل وكذلك البيئة من الاحتباسِ الحراري وتغيرِ المناخِ وغيرِ ذلك! مستشهدا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم في الحفاظ على حياة الحيوان «بينما رجلٌ يمشي فاشتدّ عليهِ العطش فنزل بئرًا فشرب منها ثُم خرج؛ فإذا هو بكلبٍ يلهثُ يأكُلُ الثرى من العطش؛ فقال: لقد بلغ هذا مثلُ الذي بلغ بي، فملأ خُفّهُ ثم أمسكهُ بِفِيهِ ثُم رقِي فسقى الكلب»، لافتا إلى أن سرد النبي للتفاصيل في الحديث لترغيبنا في الرفق بجميع ما خلق الله، لكن الرسائل المباشرة والضمنية للحديث الشريف لم تنتهِ بعدُ، يقول صلوات الله عليه وسلامه حكايةً عن الرجل بعدما سقى الكلب «فشكر اللهُ له، فغفر له»، قالوا: «وإنّ لنا في البهائِمِ أجرًا؟ قال:في كلِّ كبدٍ رطبةٍ أجرٌ».
وأضاف أن النبي صلى الله عليه وسلم حثّ على الرفقِ بالحيوان، ونقل إلينا نبأ امرأة دخلتْ النار في هرة أمسكتها؛ فلا هي أطعمتها ولا هي تركتْها تأكلُ من خشاشِ الأرض، وفي ذلك ما ينذِرُنا ويُحذِرُنا من الإساءةِ إلى مخلوقات الله وتجنُب إيذائِها بأي حالٍ كانت.
وأكد في ختام حديثه على أن شريعة النبي صلى الله عليه وسلم جاءت رحمةً بالعالمين مصداقًا لقولِهِ تعالى (وما أرْسلْناك إِلّا رحْمةً لِّلْعالمِين)، وأن السعادة في اتباعِ منهجِهِ ورحمةِ خلقِ اللهِ لندخُل في رحمةِ الله سبحانه.
13 أغسطس, 2021
«أخلاق الرسول» يتواصل بـ«ملتقى المؤلفين»
